سورة ن (القلم)
[١١٢٤] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَلا يَسْتَثْنُونَ) [القلم : ١٨] أي ولا يقولون إن شاء الله فسمّى الشرط استثناء؟
قلنا : إنما سماه استثناء لأنه في معناه ، فإن معنى قولك لأخرجن إن شاء الله ، ولا أخرج إلا أن يشاء الله واحد. وقال عكرمة : المراد به حقيقة الاستثناء : أي أنهم لا يستثنون حقّ المساكين. والجمهور على الأول.
[١١٢٥] فإن قيل : كيف سمّى أوسطهم الاستثناء تسبيحا فقال : (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْ لا تُسَبِّحُونَ) [القلم : ٢٨] ، أي لو لا تستثنون؟
قلنا : إنما سماه تسبيحا لاشتراكهما في معنى التعظيم ؛ لأن الاستثناء تفويض إليه وإقرار بأنه لا يقدر أحد أن يفعل فعلا إلا بمشيئته ، والتسبيح تنزيه له عن السوء.
الثاني : أنه كان استثناؤهم قول سبحان الله.
الثالث : أنّ معناه لو لا تنزهون أنفسكم وأموالكم عن حقّ الفقراء.
[١١٢٦] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ) [القلم : ٤٣] ولا تكليف في الدار الآخرة؟
قلنا : لا يدعون إليه تكليفا وتعبّدا ، ولكن توبيخا وتعنيفا على تركه في الدنيا.
[١١٢٧] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ) [القلم : ٤٣] ، وهم إنّما كانوا يدعون إلى الصلاة ، فإن المراد بالآية دعاؤهم إلى الجماعات بأذان المؤذن ، حين يقول حي على الصلاة؟
قلنا : عبر سبحانه عن الصلاة بالسجود لأنه من أركانها ، بل هو أعظم الأركان وغايتها ، كما عبر عنها بالركوع وبالقرآن.
[١١٢٨] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَهُمْ سالِمُونَ) [القلم : ٤٣] أي صحيحون ، مع أن الصحة ليست شرطا لوجوب الصلاة؟
قلنا : وجوب الخروج إلى الصلاة بالجماعة مشروط بالصحة وهو المراد.