سورة التوبة
[٣٧٦] فإن قيل : لأي سبب تركت كتابة البسملة في أول هذه السورة بخلاف سائر السور؟
قلنا : لما تشابهت هي والأنفال واختلفت الصحابة في كونهما سورتين أو سورة واحدة تركت بينهما فرجة عملا بقول من قال هما سورتان ، وتركت البسملة بينهما عملا بقول من قال هما سورة واحدة ، وممن قال بذلك قتادة رحمهالله.
الثاني : أن اسم الله تعالى سلام وأمان ، وبراءة فيها قتل المشركين ومحاربتهم فلا يناسب كتابتها.
[٣٧٧] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ) [التوبة : ١٢] خص الأمر بالقتال بأئمة الكفر ، مع أن النكث والطعن ليس مخصوصا بهم ؛ بل هو مسند إلى جميع المشركين؟
قلنا : المراد بأئمة الكفر رءوس المشركين وقادتهم. وقيل : كفار مكة ؛ لأنهم كانوا قدوة جميع العرب في الكفر ، فكأن النكث والطعن لم يوجد إلا منهم لما كانوا هم الأصل فيه ، فلذلك خصهم بالذكر.
[٣٧٨] فإن قيل : كيف قال : (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) [التوبة : ٣٠] ونحن نسأل اليهود والنصارى عن ذلك فينكرونه ويجحدونه؟
قلنا : طائفة من اليهود وطائفة من النصارى هم الذين يقولون ذلك لا كلّهم ، فالألف واللام للعهد لا للجنس ولا للاستغراق ، أو أطلق اسم الكل وأراد البعض ، كما قال تعالى : (وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ) [آل عمران : ٤٢] وإنما قال لها جبريل وحده.
[٣٧٩] فإن قيل : ما فائدة قوله تعالى : (ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ) [التوبة : ٣٠] وقول كل أحد إنما يكون بفمه.
قلنا : معناه أنه قول لا تعضده حجة وبرهان ، إنما هو مجرد لفظ لا أصل له.
وقيل : ذكر ذلك للمبالغة في الرد عليهم والإنكار لقولهم ، كما يقول الرجل لغيره : أنت قلت لي ذلك بلسانك.