سورة التّين
[١٢٠٧] فإن قيل : كيف وجه صحة الاستثناء في قوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) [التين : ٦]؟
قلنا : قال الأكثرون : المراد بالإنسان هنا الجنس ، وبردّه أسفل سافلين إدخاله النار ، فعلى هذا يكون الاستثناء متّصلا ظاهر الاتصال ، ويكون قوله تعالى : (فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) [التين : ٦] قائما مقام قوله تعالى فلا نردهم أسفل سافلين. وأما على قول من فسر أسفل سافلين بالهرم والخرف وقال السافلون هم الضعفاء والزمنى والأطفال والشيخ الهرم أسفل هؤلاء كلهم ، فعلى هذا يكون الاستثناء منقطعا بمعنى لكن.
ومعنى قوله تعالى : (فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) [التين : ٦] أي غير مقطوع بالهرم والضعف الحاصل من الكبر ، أي إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات في حال شبابهم وقوتهم ، فإنهم إذا عجزوا عن العمل كتب لهم ثواب ما كانوا يعملونه من الطاعات والحسنات إلى وقت موتهم ، وهذا معنى قول ابن عباس رضي الله عنهما : من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر.
وقال بعض العلماء : الذين آمنوا وعملوا الصالحات في شبابهم وقوتهم فإنهم لا يردون إلى الخرف وأرذل العمر وإن عمروا طويلا ، وتمسك بظاهر قول ابن عباس رضي الله عنهما.