سورة التحريم
[١١١١] فإن قيل : قوله تعالى : (وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) [التحريم : ٤] إن كان المراد به الفرد ، فأي فرد هو ؛ وأيضا فإنه لا يناسب مقابلة الملائكة الذين هم جمع ؛ وإن كان المراد به الجمع فهلا كان مكتوبا في المصحف بالواو؟
قلنا : هو فرد أريد به الجمع كقولك : لا يفعل هذا الفعل الصالح من الناس ، تريد به الجنس كقولك : لا يفعله من صلح منهم ، وقوله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً) [المعارج : ١٩] وقوله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ) [العصر : ٢] وقوله تعالى : (وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها) [الحاقة : ١٧] وقوله تعالى : (ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً) [غافر : ٦٧]. ونظائره كثيرة.
الثاني : أنه يجوز أن يكون جمعا ، ولكنه كتب في المصحف بغير واو على اللفظ كما جاءت ألفاظ كثيرة في المصحف على اللفظ دون اصطلاح الخط.
[١١١٢] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ) [التحريم : ٤] ؛ ولم يقل ظهراء ، وهو خبر عن الجمع ، وهم الملائكة؟
قلنا : هو فرد وضع موضع الجمع كما سبق.
الثاني : اسم على وزن المصدر كالزميل والدبيب والصليل ، فيستوي فيه الفرد والتثنية والجمع.
الثالث : أن فعيلا يستوي فيه الواحد والاثنان والجمع بدليل قوله تعالى : (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ) [ق : ١٧].
[١١١٣] فإن قيل : قوله تعالى (بَعْدَ ذلِكَ) [التحريم : ٤] تعظيم للملائكة ومظاهرتهم ، وقد تقدمت نصرة الله تعالى وجبريل وصالح المؤمنين ، ونصرة الله سبحانه أعظم؟
قلنا : مظاهرة الملائكة من جملة نصرة الله تعالى ، فكأنه فضل نصرته بهم على سائر وجوه نصرته لفضلهم وشرفهم ، ولا شك أن نصرته بجميع الملائكة أعظم من نصرته بجبريل وحده أو بصالح المؤمنين.
[١١١٤] فإن قيل : كيف قال تعالى : (عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ) [التحريم : ٥] إلى آخر الآية ، فأثبت الخيرية لهن باتصافهن بهذه الصفات ، وإنما تثبت لهن الخيرية بهذه الصفات لو لم تكن تلك الصفات ثابتة في نساء النبيّ صلىاللهعليهوسلم وهي ثابتة فيهن؟