سورة القيامة
[١١٥٣] فإن قيل : ما معنى قوله تعالى : (فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) [القيامة : ١٨] ؛ والقارئ على النبيّ صلىاللهعليهوسلم إنّما هو جبرائيل عليهالسلام؟
قلنا : معناه فإذا جمعناه في صدرك ؛ ويؤيده أول الآية : (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) [القيامة : ١٧] ، أي إنّ علينا جمعه وضمّه في صدرك ، فلا تعجل بقراءته قبل أن يتم حفظه. وقيل : إنما أضيفت القراءة إلى الله تعالى ، لأن جبريل عليهالسلام يقرؤه بأمره ، كما تضاف الأفعال إلى الملوك والأمراء بمجرد الأمر ؛ مع أنّ المباشر لها أعوانهم أو أتباعهم.
[١١٥٤] فإن قيل : كيف قال الله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) [القيامة : ٢٢ ، ٢٣] ، والذي يوصف بالنظر الذي هو الإبصار والإدراك إنما هو العين دون الوجه؟
قلنا : قيل إن المراد بالوجوه هنا السعداء وأهل الوجاهة يوم القيامة ، لا الوجه الذي هو العضو ؛ ولا أرى هذا الجواب مطابقا لقوله تعالى : (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ) [القيامة : ٢٤] ؛ لأن العبوس والقطوب إنّما يوصف به الوجه الذي هو العضو. ومما يؤيد أنّ المراد بقوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ) [القيامة : ٢٢] الأعضاء المعروفة ، قوله تعالى : (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) [المطففين : ٢٤].
[١١٥٥] فإن قيل : النطفة المني ، فما فائدة قوله تعالى : (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى) [القيامة : ٣٧]؟
قلنا : النطفة استعملت هنا بمعنى القطرة ؛ لأن النطفة تطلق على الماء القليل والكثير ، ومنه الحديث : «حتّى يسير الرّاكب بين النطفتين لا يخشى جوازا». أراد بحر المشرق والمغرب.