سورة الواقعة
[١٠٦١] فإن قيل : ما فائدة التكرار في قوله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) [الواقعة : ١٠]؟
قلنا : فيه وجهان :
أحدهما : أنه تأكيد مقابل لما سبقه من التأكيد في (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ) [الواقعة : ٨ ، ٩] ؛ كأنه قال تعالى : والسابقون هم المعروف حالهم المشهور وصفهم ، ونظيره قول أبي النجم :
أنا أبو النجم وشعري شعري
الثاني : أن معناه : والسابقون إلى طاعة الله هم السابقون إلى جنته وكرامته. ثم قيل المراد بهم السابقون إلى الإيمان من كل أمة. وقيل الذين صلوا إلى القبلتين.
وقيل : أهل القرآن. وقيل : السابقون إلى المساجد إلى الخروج في سبيل الله. وقيل : هم الأنبياء صلوات الله عليهم ، فهذه خمسة أقوال.
[١٠٦٢] فإن قيل : كيف قال تعالى : (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ) [الواقعة : ١٧] ؛ مع أنّ التخليد ليس صفة مخصوصة بالولدان في الجنة ؛ بل كل أهل الجنة مخلدون فيها لا يشيبون ولا يهرمون ؛ بل يبقى كل واحد أبدا على صفته التي دخل الجنة عليها؟
قلنا : معناه أنهم لا يتحولون عن شكل الوالدان وهي الوصافة. وقيل : مقرطون. وقيل مسورون ، ولا إشكال على هذين القولين.
[١٠٦٣] فإن قيل : كيف قال تعالى : (لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ) [الواقعة : ٥٢ ـ ٥٤] أنث ضمير الشجر ثم ذكّره؟
قلنا : قد سبق جوابه في سورة القمر.
[١٠٦٤] فإن قيل : كيف قال تعالى : (نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ) [الواقعة : ٥٧] ، أي فهلّا تصدقون ؛ مع أنهم مصدقون أنه خلقهم ، بدليل قوله تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ) [الزخرف : ٨٧].
قلنا : هم وإن كانوا مصدقين بألسنتهم إلا أنهم لما كان مذهبهم على خلاف ما يقتضيه التصديق فكأنهم مكذبون به.