سورة المعارج
[١١٣٦] فإن قيل : كيف قال تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً) [المعارج : ١٩] ؛ ويفسره ما بعده والإنسان في حال خلقه ما كان موصوفا بهذه الصفات؟
قلنا : هلوعا حال مقدرة. فالمعنى مقدرا فيه الهلع كما في قوله تعالى : (مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ) [الفتح : ٢٧] ، وهم ليسوا محلقين حال الدخول.
[١١٣٧] فإن قيل : كيف قال تعالى أوّلا : (الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ) [المعارج : ٢٣] ، ثم قال تعالى ثانيا : (وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ) [المعارج : ٣٤] ؛ فهل بينهما فرق؟
قلنا : المراد بالدوام المواظبة والملازمة أبدا. وقيل : المراد به سكونهم فيها بحيث لا يلتفتون يمينا ولا شمالا ؛ واختاره الزجاج ، وقال : اشتقاقه من الدائم بمعنى الساكن ، كما جاء في الحديث : «أنه صلىاللهعليهوسلم نهى عن البول في الماء الدّائم». قلت : وقوله «على» ينفي هذا المعنى ؛ فإنّه لا يقال هو على صلاته ساكن ؛ بل يقال : هو في صلاته ساكن. والمراد بالمحافظة عليها أداؤها على أكمل وجوهها ، جامعة لجملة سننها وآدابها ؛ فالدّوام يرجع إلى نفس الصلاة ، والمحافظة إلى أحوالها.
__________________
[١١٣٧] الحديث أخرجه مسلم والنسائي وأبو داود بمعناه. انظر أبو داود رقم ٦٩ ، والفتح الكبير ٣ / ٢٦٦.
وبمثل هذا اللفظ الذي ذكره الرّازي أخرجه البخاري ، انظر فتح الباري ١ / ٣٤٦ ، والنسائي بحاشية السندي ١ / ٤٩.