سورة الإنسان
[١١٥٦] فإن قيل : كيف قال الله تعالى : (مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ) [الإنسان : ٢] فوصف المفرد وهي النطفة بالجمع وهو الأمشاج لأنّه جمع مشج ، والأمشاج الأخلاط ، والمراد أنّه مخلوق من نطفة مختلطة من ماء الرّجل والمرأة؟
قلنا : قال الزمخشري رحمة الله تعالى عليه : أمشاج لفظ مفرد لا جمع ، كقولهم : برمة أعشار ، وبيت أكباش ، وبر أهدام. وقال غيره الموصوف به أجزاء النطفة وأبعاضها.
[١١٥٧] فإن قيل : كيف قال تعالى : (نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً) [الإنسان : ٢] ، والابتلاء متأخر عن جعله سميعا بصيرا؟
قلنا : قال الفراء : فيه تقديم وتأخير تقديره فجعلناه سميعا بصيرا لنبتليه. وقال غيره : معناه ناقلين له من حال إلى حال نطفة ثم علقة ثم مضغة ، فسمى ذلك ابتلاء استعارة.
[١١٥٨] فإن قيل : كيف قال الله تعالى : (قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً) [الإنسان : ١٦] والقوارير اسم لما يتخذ من الزّجاج؟
قلنا : معناه أن تلك الأكواب مخلوقة من فضة ، وهي مع بياض الفضّة وحسنها في صفاء القوارير وشفيفها. قال ابن عباس رضي الله عنهما : لو ضربت فضة الدّنيا حتى جعلتها جناح الذباب لم ير الماء من ورائها ، وقوارير الجنة من فضة ويرى ما فيها من ورائها.
[١١٥٩] فإن قيل : ما معنى قوله تعالى : (كانَتْ قَوارِيرَا) [الإنسان : ١٥]؟
قلنا : معناه تكونت ، فهي من قوله تعالى : (كُنْ فَيَكُونُ) [يس : ٨٢] ، وكذا قوله تعالى : (كانَ مِزاجُها كافُوراً) [الإنسان : ٥].
__________________
[١١٥٧] علقة : هي مبدأ تكون الجنين. مأخوذ من العلق وهو التشبث بالشيء ، ولعله لتعلق العلقة بالرحم. يقال : علقت المرأة ، أي حبلت.
ـ مضغة : هي المرحلة التي يمرّ بها الجنين ، في أطوار نموه ، وتكون بعد مرحلة العلقة. والمضغة هي القطعة الصغيرة من اللحم قدر ما يمضغ.