سورة المؤمنون
[٧٢٧] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ) [المؤمنون : ٥ ، ٦] وحفظ الفرج إنما يعدى بعن لا بعلى ، يقال فلان يحفظ فرجه عن الحرام ، ولا يقال على الحرام؟
قلنا : «على» هنا بمعنى عن ، كما في قول الشاعر :
إذا رضيت عليّ بنو قشير |
|
لعمر الله أعجبني رضاها |
الثاني : أنه متعلق بمحذوف تقديره : فلا يرسلونها إلا على أزواجهم.
[٧٢٨] فإن قيل : كيف قال تعالى : (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) [المؤمنون : ٦] ولم يقل أو من ملكت أيمانهم ، مع أن المراد من يعقل؟
قلنا : لأنه أراد من جنس العقلاء ما يجري مجرى غير العقلاء وهم الإناث.
[٧٢٩] فإن قيل : قوله تعالى (ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ) [المؤمنون : ١٥ ، ١٦] كيف خص الإخبار عن الموت الذي لم ينكره الكفار بلام التأكيد دون الإخبار عن البعث الذي أنكروه ، والظاهر يقتضي عكس ذلك؟
قلنا : لما كان العطف يقتضي الاشتراك في الحكم استغنى به عن إعادة لفظ اللام الموجبة لزيادة التأكيد ، فإنها ثابتة معنى بقضية العطف ، ولا يلزم على هذا عدم إعادة أن لأنها الأصل في التأكيد ، ولأنها أقوى والحاجة إليها أمس.
[٧٣٠] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ) [المؤمنون :
٢٠] والمراد بها شجرة الزيتون. وهي تخرج من الجبل الذي يسمى طور سيناء ومن غيره؟
قلنا : قيل إن أصل شجرة الزيتون من طور سيناء : ثم نقلت إلى سائر المواضع.
وقيل : إنما أضيفت إلى ذلك الجبل لأن خروجها فيه أكثر من خروجها في غيره من المواضع.
__________________
[٧٢٧] البيت للقحيف العقيلي ، وهو في الجنى الداني : ٤٤٥ ، وخزانة الأدب ١٠ / ١٣٢.
والوجه في جواز استعمال عن محل على عند ابن قتيبة أن عن يستعمل أعم من على ؛ لأنه يستعمل في الجهات الست. ووجهه ابن منظور في اللّسان بأن التعدية بعلى جازت لأنها إذا رضيت عنه أحبّته وأقبلت عليه ، ولذلك استعمل على بمعنى عن ، ولا يخفى ما فيه من التكلف.