بِالْحَسَنَةِ) [الأنعام : ١٦٠] الآية ، وقوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) [آل عمران : ٩٧] وقوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) [الزلزلة : ٧] الآية ، وقوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) [البقرة : ١٨٥] ونظائره كثيرة ، فكيف قال تعالى هنا : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى) [النحل : ٩٧]؟
قلنا : إنما صرح بذكر النوعين هنا لسبب اقتضى ذلك ، وهو أن النساء قلن : ذكر الله تعالى الرجال في القرآن بخير ولم يذكر النساء بخير ، فلو كان فينا خير لذكرنا به ، فأنزل الله تعالى : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) [الأحزاب : ٣٥] الآية ، وأنزل (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ) [النحل : ٩٧] فذهب عن النساء وهم تخصيصهن عن العمومات.
[٥٦٨] فإن قيل : كيف قال تعالى : (يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللهُ) [النحل : ٧٩] وقد رأينا كثيرا من الصلحاء والأتقياء قطعوا أعمارهم في المصائب والمحن وأنواع البلايا باعتبار الأمثل فالأمثل إلى الأنبياء؟
قلنا : المراد بالحياة الطيبة الحياة في القناعة. وقيل : في الرزق الحلال. وقيل : في رزق يوم بيوم. وقيل : التوفيق للطاعات. وقيل : في حلاوة الطاعات. وقيل : في الرضا بالقضاء. وقيل المراد به الحياة في القبر ، كما قال تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) [آل عمران : ١٦٩] وقيل : المراد به الحياة في الدار الآخرة ، وهي الحياة الحقيقية لأنها حياة لا موت بعدها دائمة في النعيم المقيم ، والظاهر أن المراد به الحياة في الدنيا لقوله تعالى : (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ) [النساء : ١٣٤] وعدهم الله ثواب الدنيا والآخرة كما قال تعالى : (فَآتاهُمُ اللهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ) [آل عمران : ١٤٨].
[٥٦٩] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) [النحل : ١٠٧] وكثير من الصحابة وغيرهم كانوا كافرين فهداهم الله تعالى إلى الإيمان؟
قلنا : المراد من هذا الكافرون الذين علم الله تعالى أنهم يموتون على الكفر ويؤيده ما بعد ذلك من الآيتين.
[٥٧٠] فإن قيل : ما معنى إضافة النفس إلى النفس في قوله تعالى : (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها) [النحل : ١١١] والنفس ليس لها نفس أخرى؟
قلنا : النفس اسم للروح وللجوهر القائم بذاته المتعلق بالجسم تعلق التدبير.
وقيل : هي اسم لجملة الإنسان لقوله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) [آل عمران : ١٨٥] وقول تعالى : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) [المائدة : ٤٥] والنفس