أيضا اسم لعين الشيء وذاته ، كما يقال : نفس الذهب والفضة محبوبة ، أي عينهما وذاتهما. فالمراد بالنفس الأولى الإنسان وبالثانية ذاته ، فكأنه يوم يأتي كل إنسان يجادل عن نفسه ، أي ذاته لا يهمه شأن غيره ، كل يقول نفسي نفسي ، فاختلف معنى النفسين.
[٥٧١] فإن قيل : كيف قال تعالى : (فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ) [النحل : ١١٢] والإذاقة لا تناسب اللباس وإنما تناسبه الكسوة؟
قلنا : الإذاقة تناسب المستعار له وهو الجوع من حيث أن الجوع يقتضي الأكل فيقتضي الذوق ، وإن كانت لا تناسب المستعار وهو اللباس والكسوة تناسب المستعار وهو اللباس ، ولا تناسب المستعار له وهو الجوع ، وكلاهما من دقائق علم البيان ، يسمى الأول تجريد الاستعارة ، والثاني ترشيح الاستعارة فجاء القرآن العزيز في هذه الآية بتجريد الاستعارة ، وقد ذكرنا تمام هذا في كتابنا «روضة الفصاحة». ولباس الجوع والخوف استعارة لما يظهر على أهل القرية من أثر الجوع والخوف من الصفرة والنحول ، فهو كقوله تعالى : (وَلِباسُ التَّقْوى) [الأعراف : ٢٦] استعار اللباس لما يظهر على المتقي من أثر التقوى.
وقيل : إن فيه إضمارا تقديره : فأذاقها الله طعم الجوع ، وكساها لباس الخوف.