وكيف كان ، فقد يوجه اقتضاء القاعدة لزوم اليقين بالفراغ بالاحتياط بوجوه ..
الأول : أن ذلك مقتضى قاعدة الاشتغال بالفوائت الواقعية المعلومة إجمالا ، فإنه يجب الفراغ عنها بعد العلم بتعلق التكليف بها.
وفيه : أن التكليف بقضاء الفوائت انحلالي بقدرها ، فلكل فائتة تكليفها المستقل المتعلق بها ، فالشك في فوت كل فريضة مساوق للشك في وجوب قضائها ، كما هو الحال في سائر الشبهات الموضوعية التي تقدم جريان البراءة فيها.
قال شيخنا الأعظم قدّس سرّه : «كما لو شك في مقدار الدين الذي يجب قضاؤه ، أو في أن الفائت منه صلاة العصر فقط أو هي مع الظهر ، وكذا فيما لو تردد فيما فات عن أبويه أو في ما تحمله بالإجارة بين الأقل والأكثر».
الثاني : أنه مقتضى قاعدة الاشتغال في كل فريضة بنفسها ، للعلم بالاشتغال بها في الوقت ، والشك في الخروج عن عهدة التكليف المذكور بالأداء ، فيجب إحراز الفراغ عنها.
ودعوى : أن التكليف المتيقن ثبوته في الوقت هو التكليف بالأداء المقيّد بالوقت ، ومن المعلوم سقوطه بالامتثال أو بخروج الوقت ، وإنما المحتمل حدوث التكليف بالقضاء بعد ذلك ، والمرجع فيه البراءة لا الاشتغال.
مدفوعة : بأن ظاهر الأمر بالأداء وإن كان هو كون الوقت قيدا في المكلف به ، فيتعذر ويسقط بخروجه ، ومن ثمّ احتاج إيجاب القضاء إلى أمر جديد ، إلا أنه لا بد من رفع اليد عن الظهور المذكور بعد ورود الأمر بالقضاء ، لأنه كاشف عن كون الوقت مأخوذا بنحو تعدد المطلوب ، لا في أصله ، كما هو الحال في سائر القيود التي تسقط بالتعذر ، فالأمر بالقضاء بعد الأمر بالأداء كاشف عن أن المورد كالأمر بالدين والأمر بتعجيله ، وليس القضاء عرفا أجنبيا عن الأداء مترتبا