ثبوت الحرمة دون النجاسة وجوه أو أقوال.
فذهب شيخنا الأعظم قدّس سرّه وجماعة إلى الأول. إما لأن موضوع الحرمة والنجاسة ليس خصوص الميتة ، بل غير المذكى ، كما يشهد به قوله تعالى : (وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) ، بل الإجماع على كون غير المذكى بحكم الميتة والنصوص به متظافرة.
أو لأن المراد من الميتة ، في لسان الشارع الأقدس هو ما لم يذك ـ كما يشهد به مقابلة الميتة بالمذكى في النصوص الكثيرة ـ فهي أمر عدمي يكفي في إحرازه أصالة عدم التذكية ، ولا تكون من الأصل المثبت.
ولو تم هذا فلا مجال لدعوى معارضة أصالة عدم التذكية بأصالة عدم الموت ، والرجوع بعد تساقطهما لأصالة الحل والطهارة ، كما هو مبنى القول الثاني على ما قيل.
لاندفاعها : بأن الميتة بمعنى غير المذكى مقتضى الأصل ، وبمعنى آخر ليست موضوعا للأثر ليجري الأصل فيها وينهض بمعارضة أصالة عدم التذكية المفروض اقتضاؤها الحرمة والنجاسة.
بل لا مجال لفرض المعارضة المذكورة أصلا ، لأن موضوع الحرمة أو النجاسة أو غيرهما إن كان هو الميتة بما هي عنوان وجودي جرى أصالة عدم كون الحيوان ميتة ولم تجر أصالة عدم التذكية ، لعدم الأثر لها ، وإن كان هو غير المذكى ـ ولو لرجوع الميتة إليه ـ جرى أصالة عدم التذكية لا غير. فتأمل.
وذهب بعض مشايخنا إلى الثالث بدعوى : أن موضوع الحرمة هو غير المذكى ، كما يشهد به الاستثناء المشار إليه ، وكذا عدم جواز الصلاة في أجزاء الحيوان (١).
__________________
(١) لم يذكر هنا الوجه فيه. وكأنه لما في غير واحد من النصوص من أخذ الذكاة في جواز اللبس في الصلاة ، كموثق ابن بكير وخبر علي بن أبي حمزة المتقدمين في الأمر الثاني وغيرهما.