الحرية ، وقد استغل الإمام عليهالسلام كلّ الظروف والمناسبات لتطبيق تلك الطرق ، وتحرير العبيد والإماء.
وفي عمله تطبيق للشريعة وسننها ، كما يدلّ عليه الحديث التالي :
فعن سعيد بن مرجانة ، قال : سمعت أبا هريرة يقول : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : « من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل إرب منها إربا منه من النار ، حتى أنه يعتق باليد اليد ، وبالرجل الرجل ، وبالفرج الفرج».
فقال علي بن الحسين : أنت سمعت هذا من أبي هريرة!
قال سعيد : نعم.
فقال الإمام : ادع لي مطرفا ـ لغلام له أفره غلمانه ـ فلمّا قام بين يديه ، قال : إذهب فانت حرّ لوجه الله (١).
إن الإمام زين العابدين عليهالسلام لا يخفى عليه ثواب عتق الرقبة ، وإنما أراد أن يؤكّد على سنة العتق من خلال تقرير الراوي على سماع الحديث! وليكون عمله قدوة للآخرين كي يقوموا بعتق ما يملكون من الرقاب.
٢ ـ إن الرقيق المعتقين يشكّلون جيلا من التلامذة الذين تربّوا في بيت الإمام عليهالسلام وعلى يده ، بأفضل شكل ، وعاشوا معه حياة مفعمة بالحقّ والمعرفة ، والصدق والإخلاص ، وبتعاليم الإسلام من عقائد وشرائع وأخلاق كريمة.
فقد كانت جماعة الرقيق تحتفظ بكل ذلك في قرارات النفوس ، في شعورهم أو لا شعورهم ، وينقلونه الى الإجيال المتعاقبة ، وفي ذلك حفظ الإسلام.
ولا ريب أن الإمام زين العابدين عليهالسلام لو أراد أن يفتح مدرسة لتعليم مجموعة من الناس ، فلا بدّ أنه كان يواجه منعا من الجهاز الحاكم ، أو عرقلة لعمله ، أو رقابة شديدة على أقل تقدير.
٣ ـ إن الإمام عليهالسلام استقطب ولاء الأعداد الكبيرة من هؤلاء الموالي المحرّرين ، إذ
__________________
(١) أخرجه البخاري في صحيحه ( ٣ : ١٨٨ ) كتاب العتق والكفارات ، ومسلم في صحيحة ( ١٠ : ١٥٢ ) في العتق ، والترمذي في صحيحه ( ٤ : ١١٤ ) في النذور رقم (١٥٤١) وانظر حلية الأولياء ( ٣ : ١٣٦ ).