يقول محمّد شحرور في «دراسات إسلاميّة معاصرة في الدولة والمجتمع» ص ١٣ ، ١١٩ :
ينقسم الفكر إلى قسمين : الإدراك المشخّص بالحواس (الإدراك الفؤادي) وهو ما تنقله الحواسّ من صور مباشرة عن طريق السمع والبصر وبقيّة الحواس .. ثم يأتي الفكر في التحليل والتركيب ، والعقل في إطلاق الحكم ..
ونتوقّف في مجال الإدراك الفؤادي (الصور الاُولى التي ولّدتها الحواس) هذه الصور هي أقوى الصور تأثيراً عند الإنسان ; لأ نّها تولّد ما يسمّى بالانطباع المباشر ، الذي يتراكم لديه يوميّاً منذ نعومة أظفاره .. لذا فإنّ عمليّة استعادة هذا الانطباع المباشر للصور الآتية عن طريق الحواس ، والمتراكم كمعلومات مخزنة ، عمليّة تسمّى الذاكرة .. ولهذا فإنّ أقوى مؤثّر على الإنسان هو الشيء الذي يأخذ عنده انطباعاً مباشراً متكرّراً يوميّاً ، بحيث تندمج الانطباعات المباشرة والذاكرة معاً ، كشروق الشمس مثلاً ، فالإنسان يرمي شروق الشمس يوميّاً بانطباع مباشر ، ومن التكرار اليومي لهذه العمليّة تدخل في ذاكرته ، فكلّ الأشياء التي تدخل في انطباع الإنسان المباشر وذاكرته معاً هي من أقوى الأشياء تأثيراً على الفكر الإنساني وعلى توجيهه معاً ، وهي التي تفرض عليه فرضاً التفكير فيها وتحليلها وعقلنتها ..