ويتمندل الوجود .. ولهذا يكون «الفكر أقوى من المفكّرين ، فيخلد ويخلّدهم على الرغم ممّا قد يشوبهم من ضعف الأخلاق والشخصيّة» ..
«الفكر أقوى وأمضى سلاح على الإطلاق يملكه الإنسان في حربه مع المجهول ، فلولا الفكر الذي يعمل ويتأمّل في السكينة لكنّا لا نزال قابعين في غياهب المغاور .. وهذا السلاح يصدأ بالإهمال وقلّة الاستعمال ، أو في الاستعمال في غير الأغراض التي من أجلها وُجِد .. ونحن عندما نكثر الكلام في توافه الاُمور إنّما نسدّ المنافذ إلى جليلها ، فنعطّله عن العمل المثمر بدلاً من أن نشحذه وندفعه .. ونحن إذ نُلهي الفكر بالقيل والقال فكأ نّنا نسخّر العاصفة لنقل قشّة من هنا إلى هناك ، والصاعقة لقتل ذبابة أو بعوضة .. ومثلما لا يتمّ الحمل ولا ينمو الجنين إلاّ في سكينة الأرحام وظلماتها كذلك لا يحبل الفكر بعظائم الاُمور إلاّ في سكينة الخلوات والتأمّلات» ..
«الأصل في الفكر إذا جرى مجراه الطبيعي المستقيم هو أن يكون حواراً بين «لا» و «نعم» وما يتوسّطهما من ظلال وأطياف ، فلا الرفض المطلق الأعمى يعدّ فكراً ، ولا القبول المطلق الأعمى يعدّ فكراً ، ففي الأوّل عناد الأطفال ، وفي الثاني طاعة العبيد» ..
«ليس الفكر ترفاً يلهو به أصحابه كما يلهو بالكلمات المتقاطعة رجل أراد أن يقتل فراغه ، بل إنّ الفكر مرتبط بالمشكلات التي يحياها الناس حياةً يكتنفها العناء ، فيريدون لها حلاًّ حتى تصفو لهم المشارب