وتمثّل «قم» اليوم حاضرة التشيّع ومعلمه الكبير ; لما تقوم به من دور محوري في الذود عن مدرسة آل البيت (عليهم السلام) وعلومها السامية ... وحركة النشر والتحقيق فيها والتأليف ومراكز الثقافة ومعاهد العلم ودور الانترنت ونظائرها دؤوبةٌ شامخةٌ دائمة النموّ والازدهار ..
نحن في مؤسّسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث جزء من هذه الحركة الهائلة التي تسعى إلى بثّ قيم ومبادئ ومفاهيم بيت العصمة والطهارة .. وهذا ما يخفّف من وطأة الإحساس بالبعد والجفاء ، ولاسيّما أنّي قد واصلت دراساتي الحوزويّة العليا بمجرّد الاستقرار في قم ، وهذا الدرس والتحقيق كلاهما يصبّان في رضى آل محمّد (عليهم السلام) إن شاء الله تعالى ..
انتقلت في الثامن من ذي القعدة الحرام عام ١٤١٦ إلى قم ، غادرت مشهد بالدموع والقلق وخشية الفشل ، في ليلة شديدة المطر ، عزمت على الرحيل ولا أعلم المصير ولا أدري ماذا سيحلّ بي هناك ، ومن منّا يقبل الشماتة والتشفّي في حال السقوط؟! لذا قرّرت عدم الرجوع قطّ إلى مشهد لو أصابني الفشل ، فالنكسة يمكن معالجتها وإدارتها لكن تربّص البعض الشامت مرير مؤلم ..
وأقولها بالضرس القاطع والاعتقاد الراسخ : إنّني ما جفوت سيّدي الرضا (عليه السلام) أبداً في رحيلي عنه ، إنّما نويت الخدمة أكثر لقيم ومفاهيم تعلّمناها وأخذناها منهم عليهم السلام ، والواقع خيرُ دليل على ما أدّعي ; إذ لي الفخر أن حقّقتُ وكتبتُ وراجعتُ وأشرفتُ وساهمتُ في عشرات