سخيفاً أجوفاً لا واقع له ، بل كانت مجرّد إشارات وبعض أشياء يخجل المرء أن يضعها في فضاء الفهم الأوّلي ناهيك عن الدرك العميق والتلقّي السليم والتشخيص الصحيح للمعرفة ومعاييرها العلميّة .. ولا يعني هذا أنّي صرت اليوم شيئاً أو رقماً في عالم الثقافة لكنّي صرت أدرك حقيقة حجمي ومقدار مؤني ممّا يسمح لي بالتحرّك وفق الموجود الثقافي قلّ أو كثر ..
وجدت في المراجعة والاستقراء والمقارنة والحفر والقراءة والتأمّل ... ضالّتي التي تنقذني من التهوّر والقشريّة وإصدار الأحكام والآراء غير الناضجة ، فصرت أكثر ميلاً إلى الاحتياط والتأ نّي في اتّخاذ القرارات والتصميم على هذا الأمر وذاك .. ولاحظت حصول العدّ التصاعدي للسكوت في أفعالي وسلوكي ; إذ كنت كثير الكلام والمزاح نسبيّاً ، فصرت أهوى السكوت واُفضّل كلّ ما يمتاز بالهدوء والاسترخاء ، ولعلّ الميل أحياناً كثيرة إلى العزلة والصمت هو محاولة لتقليل الأخطاء ، كما أنّ إحساسي بإيذاء الآخرين إحساسٌ ملؤه المرارة والألم ... لكنّي إنسانٌ والإنسانُ اجتماعيٌّ الطبع ..
كان الفقر المقطعي يؤرّقني ويقضّ مضجعي ويعطّل مشاريع حياتي ويصبغني بصبغة أمقتها مقتاً شديداً ، رغم السعي الكبير إلى حفظ العزّة والكرامة الشخصيّة ولاسيّما أنا ابن اُسرة لها احترامها وسمعتها واشتهارها في موطنها بيسر الحال والغنى والمال .. لكنّ الفقر هو الفقر ، والماضي وذكرياته لا تغيّر من الحاضر والواقع شيئاً ، لذا قرّرت الخروج من دائرة