قراءة جديدة أصيلة لموضوعات قديمة ولكن متجدّدة ..
وأمّا في مجال العلم فالإبداع اختراع واكتشاف يتمّ بواسطة خطوات فكريّة ميزتها الأساسيّة أنّها تقبل التحقّق إمّا بالتجربة وإمّا بجملة من عمليّات المراجعة والمراقبة يقودها منطق معيّن ، أي جملة من القواعد يتّخذها العقل ميزاناً للصواب والخطأ ، للصدق والكذب ..
يقول علي أحمد سعيد : الإبداع دخول في المجهول لا في المعلوم .. فأن نُبدِع إذن ، أي أن نكتب ، هو أن نخرج ممّا كتبناه من مسافة لحظة مضت ، لكي ندخل في مسافة لحظة تأتي .. المفكّر ، الكاتب ، لا يفكّر إذن ولا يكتب إلاّ إذا كتب وفكّر بشكل مغاير لما يعرفه ، بحيث تكون كتابته وفكره نقطة لقاء بين نفي المعلوم وإيجاب المجهول ..
يقول برهان غليون : إنّ أصل الإبداع هو بالضبط هذا الاختلاف والتناقض العميق بين الثقافة والحضارة ، بين الذاتيّة والعالميّة .. فهذا التناقض هو الذي يخلق التوتّر المبدع ويدفع إلى عدم الأخذ بالحلول الجاهزة وعدم القبول بالأمر الواقع كنهاية للتاريخ .. وهو مصدر تطوّر التاريخ والحضارة معاً .. فالتاريخ هو صراع بين ذوات جماعيّة من أجل التجاوز الحضاري المادّي والفكري ، ومن يتخلّى عن هذا الهدف ينسحب من التاريخ ويخرج من الحضارة ، سواء حصل ذلك بالاندماج في ذات اُخرى أو بالتقوقع على الذات ..