يقول علي زيعور : يبقى الصوفيّون ـ على الرغم من الانتقادات الكثيرة التي يستحقّونها عبر التاريخ ـ أصحاب نظريّة أصيلة في الإبداع .. فهذا يقول : إنّه أمام الجمال ينسى نفسه ويُغشى عليه ويشطح ; أو أنّه أبدع قصيدته كاملة دون تعمّل أو أدنى جهد ; وقد تهبط عليه قصيدة أو حلّ مشكلة أو معرفة حقيقة على نحو إلهامي : انقذاف في القلب (في الصدر) ، انفتاح المغلق ، جلاء الغامض والمجهول ... كما قد يقول ذاك الصوفي : إنّه تلقّى من هاتف أو في المنام أو من شخص مجهول على شكل خاطرة أو بادرة ... فنوناً وحقائق لا ينالها غيره ، وانكشف أمامه دون مسعى عنها أو بحث .. يعني ذلك : أنّ الإبداع ـ بحسب نظريّة أهل العرفان ـ معاناة ، وخاصّ ببعض الناس «الموهوبين» أو «أهل السرائر» .. إنّ «أهل القلوب» يبدعون بلا حاجة لخبرة مكتسبة ولا لمناهج ، مختبرهم قلوبهم ، ومعاناتهم الشخصيّة أو تجربتهم الذاتيّة موئل إبداعهم .. فليس العقل ولا التفكير المنطقي ولا التحليل أو الدراسة ولا «علم الورق» (مصطلح صوفي) طريقاً ناجحة عند «أهل الحقيقة» هؤلاء ..
يقول علي حرب : إبداع الكاتب بما هو استقصاء واستكشاف ـ سواء عن طريق الفنّ أو العلم أو الفلسفة ـ لا يكتمل إلاّ بكشفه وإذاعته .. فلا كاتب يكتب لنفسه ، تماماً كما لا خالق يكتفي بذاته .. ولا كاتب يفرح بما يكتبه من دون قارئه ، سواء كان هذا القارئ واقعيّاً أم متخيّلاً .. فالاستكشاف مصيره أن يُكشَف .. من هنا يشعر الكاتب بالرغبة في البوح