الماضي إلى الحاضر ، ومن الحاضر إلى المستقبل بفعل الأجيال ..
يقول محمّد عابد الجابري : يتلوّن معنى كلمة «إبداع» بلون الحقل الايديولوجي الذي تستعمل فيه .. ففي الحقل الديني والميتافيزيقي تعني كلمة «إبداع» سواء في الإسلام أو في المسيحيّة أو في اليهوديّة أو في الفلسفة المرتبطة بهذه الأديان : الخلق من عدم ، أي اختراع شيء لا على مثال سبق .. والإبداع بهذا المعنى وفي هذا الحقل الديني الميتافيزيقي بالذات خاصٌ بالإله ، لا يقال إلاّ عنه ..
أمّا في الحقول المعرفيّة الاُخرى ـ كالفنّ والفلسفة والعلم ـ فالإبداع لا يعني الخلق من عدم ، بل إنشاء شيء جديد انطلاقاً من التعامل ـ نوعاً خاصّاً من التعامل ـ مع شيء أو أشياء قديمة .. قد يكون هذا التعامل عبارة عن إعادة تأسيس أو تركيب ، وقد يكون نفياً وتجاوزاً ..
من هنا يمكن القول إنّ الإبداع في الفنّ هو «إنتاج نوع جديد من الوجود بواسطة إعادة تركيب أصيلة للعناصر الموجودة» ..
أمّا في الفلسفة والفكر النظري بصورة عامّة فالإبداع نوع من استئناف النظر ، أصيل ، في المشاكل المطروحة ، لا يقصد حلّها حلاًّ نهائيّاً ـ ففي الفلسفة والفكر النظري ليست هناك حلول نهائيّة ـ بل من أجل إعادة طرحها طرحاً جديداً يدشّن مقالاً جديداً يستجيب للاهتمامات المستجدّة أو يحثّ على الانشغال بمشاغل جديدة ..
وبعبارة اُخرى : إنّ الإبداع في مجال الفكر النظري عامّة هو تدشين