لا صفاء وإخلاص عدوّنا ، لهروبنا وخشيتنا من لوازم عملنا بالجوهر والأصل والمحتوى التي تعني تغليب القيم والمبادئ ، لا ثبات ونبل منافسنا ، لتشتّتنا وتناثر قلوبنا وجهلنا ، لا وحدة وانسجام وعلم رقيبنا ... فعلنا كلّ ما يبعدنا عن تلك الغريزة المقدّسة والفطرة الطاهرة وذلك العقل العظيم والفكر الكبير ، خضوعاً منّا واستسلاماً للرغبة والشهوة والكسل ..
ما كان للأنبياء والرسل والأوصياء والصالحين في تلك العهود سوى الفطرة والعقل السليمين سلاحاً في بلوغ المقصود ، فأرسوا للقيم الحقّة والمبادئ المقدّسة قواعد وأدوات وآليات لازالت ألقةً شامخةً ليومنا هذا .. أمّا نحن في عصر العلم والتقنية إذ نمتلك كلّ شيء إلاّ تلك الفطرة والعقل السليمين ، ترانا نتخبّط في وديان الضلالة والحيرة والضياع والانحراف والضعف والذلّ والتبعيّة ونعشعش على القشور والظواهر ..
نعم ، إذا ما صلحت الغريزة وعدنا لفطرتنا التي فطرنا الله عليها وعملنا بعقولنا لا بعواطفنا سنكون امتداداً لرسالة السماء ومصداقاً حيّاً للقيم الإلهيّة والمضامين الربّانيّة ، عباداً مخلَصين ، وإلاّ فنحن امتدادٌ لحركة الشيطان وتجسيدٌ لتحدّيه السيّىء الصيّت بإغواء الجميع ..
ومَن منّا لا يحمل شيطاناً في عقله وقلبه وروحه ومشاعره وأعماقه وحناياه ، لكنّه صراع دائم ساخن لا يقف ولا يبرد أبداً ، فإمّا النصر وإمّا الهزيمة ولا خيار ثالث في المقام ، والإجماع المركّب معدوم هنا تماماً ، ولاسيّما أنّ المعادلة لا تحتمل سوى طرفين : الكفر والإيمان ، وحرّيّة الانتخاب موجودة .. نعم ، باب التوبة مفتوح ، إلاّ أنّنا نجهل تماماً لحظة