الاكتشافات والاختراعات وكلّ ما صدّرنا به البحث من علوم وثقافات وديناميكيّات وأخلاق ومبادئ ... الأساس فيها ـ كلّها ـ توفّر الشروط الموضوعيّة في إنسان واحد فقط ، ولكن بالاستفادة القصوى من الغريزة والذكاء ، التي قد تنتج القيم والأفكار والأشياء النبيلة المشروعة وقد تنتج الدنيئة غير المشروعة ..
وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار الاُصول والمفاهيم السماويّة المنتشرة عبر الرسل والأنبياء والأوصياء والصلحاء ، كمحرار لنا نحن أتباع الديانات الإلهيّة ، لاتّضح لنا المائز والفيصل من الدناءة والنبل ، بين الغريزة الصالحة والغريزة الفاسدة ، بين ذكاء الخير وذكاء الشرّ ، بين الجرأة والثقة العالية بالنفس الموظّفة في سبيل الأهداف الإنسانيّة الإيمانيّة ، وتلك الموظّفة للأهداف الشيطانيّة ; وبالتأمّل العميق المتواصل نعرف ذواتنا أيضاً وإلامَ تطمح وتروم ، وهذا ما يشيد لنا الفرصة الثمينة للمراجعة والمقارنة والاستقراء والاستقصاء كي نحلّق في الفضاءات النقيّة والأجواء الصافية ; إذ درك النفس وفهمها الصحيح يفتح الطريق السويّ لتلك المعرفة التي خُلقنا لأجلها ، لمعرفة الربّ ، أساس الهداية والفلاح ..
هذا كلّه غير خاف على كثير من الناس للوهلة النظريّة الاُولى ، إلاّ أنّ المشقّة والألم يكمنان في المكاشفة الذاتيّة الشفّافة ، فأين أنا وأيّ جهد بذلته لمعرفة نفسي ، أين العدل والإنصاف والجرأة والواقعيّة في تحليل الغريزة وصفاتها ونشاطها ، حسنها وقبحها ، خيرها وشرّها ... وإن كنتُ على مقدار من الذكاء فبما استخدمته واستفدت منه ، والثقة العالية بالنفس