يدوي أو فكري يبرز فيه جانب الإبداع بشكل من الإشكال .. فالإنتاج الأصيل قد يكون قديماً وقد يكون معاصراً .. والأصالة فوق ذلك لا تعدم اُصولاً ، فليست خلقاً من لا شيء ، بل هي في الغالب صياغة جديدة معبّرة لجملة من العناصر أو الاُصول المعروفة ، إنّها عمليّة دمج تعطي كائناً أو بنية جديدين .. وعملية الدمج ـ هذه البنية المعقّدة التي تطبعها الذات الدامجة بطابعها ـ هي ما يميّز الإنتاج الأصيل من الإنتاج المقتبس أو التوفيقي .. والأصيل بعد ذلك لا يكون أصيلاً إلاّ إذا كان ذا دلالة في الحاضر .. والجوانب الأصيلة ـ في أيّة ثقافة ـ هي تلك التي نستطيع أن نتبيّن فيها ليس فقط التعبير القوي المبدع عن بعض معطيات الماضي ، بل أيضاً التي تستطيع أن توحي لنا بنوع من التعبير جديد عن معطيات الحاضر .. الثقافة الأصيلة هي التي يجد فيها الحاضر مكاناً في ما تحكيه عن الماضي ، دون أن تحجب آفاق المستقبل .. إنّها تساعد على تأسيس الحاضر في اتّجاه المستقبل ، لا في اتّجاه الماضي ..
وقال أيضاً : الأصالة والمعاصرة لا تنفصلان ، إنّ من ينشد الأصالة بدون المعاصرة كمن ينشد المعاصرة بدون الأصالة ، الأوّل مقلّد والثاني تابع ، بل كلاهما تابع ومقلّد .. والشرط الضروري لتجديد العقل العربي وتحديث الفكر العربي وتغيير الوضع العربي هو كسر قيود التقليد وقطع خيوط التبعيّة .. إنّه الاستقلال التاريخي الذي لا يُنال إلاّ بممارسة النقد المتواصل للذات وللآخر ، أيّاً كان هذا الآخر .. والنقد لا يعني الرفض الميكانيكي ، بل هو أساساً تفكيك للسلطة التي يمارسها الخطاب على