ولعلّ التساؤل المطروح هنا هو : إنّ أهمّيّة وعظمة كلّ شيء تكمن في اُسسه ومقدّماته وأدلّته وفضاءات ثبوته وإثباته ، التي تكون من القوّة والإحكام والدقّة بمكان تجبر الخصم على التراجع والقبول أو ثباتها برسوخ إزاء فصول المناقشة والبحث والردّ والاعتراض .. وهذا ما حصل لنا كمسلمين بالنسبة إلى القرآن الكريم ونبوّة النبي (صلى الله عليه وآله) وكيف انبرى الآخرون عبر الأدوات والآليّات العلميّة والمعرفيّة للنيل من القرآن الكريم والتشكيك بكونه نصّاً إلهيّاً وأ نّه ـ كما يرى كثير من المناوئين ـ من نتاج محمّد بن عبدالله (صلى الله عليه وآله) أو أنّ نبوّته (صلى الله عليه وآله) فيها من الشكّ والشبهة برأي آخرين منهم .. وأيضاً ما حصل لنا كشيعة إثني عشريّة في أصل الإمامة والولاية مع سائر الفرق الإسلاميّة من خلاف واختلاف ، ولكن على كلا الحالين كانت ولازالت لنا أدلّتنا المحكمة واُسسنا القويّة وشواهدنا الجليّة ومقدّماتنا العلميّة ومعاييرنا المعرفيّة التي نكادح بها الخصم سواء على صعيد كوننا مسلمين نذبّ عن القرآن الكريم والنبيّ الكريم (صلى الله عليه وآله) وسائر قيمنا ومبادئنا ، أم كشيعة إثني عشريّة نذود عن أصل الإمامة وباقي معتقداتنا وأخلاقياتنا ورؤانا ..
لكنّنا داخل الإطار الشيعي ذاته انقسمنا مختلفين إزاء مسألة الفقيه المجتهد الجامع للشرائط إلى فريقين رئيسين : فريق يرى الولاية المطلقة لذلك الفقيه ، وفريق يراها مقيّدة وفي اُمور معدودة كالحسبة والأيتام وغيرهما .. وهامّ الأمر يتجلّى حينما نفهم معنى غيبة الإمام الثاني عشر عجّل الله تعالى فرجه الشريف ومعنى النيابة العامّة التي يتولاّها ذلك المجتهد الجامع