محدّدة» ، لنا كلام طويل حولها ، إذ حتى هذه «المجموعة الصغيرة المحدّدة» التي تولّت مسؤوليّة إدارة شؤون الاُمّة عقائديّاً ومعرفياً يفتقر البعض منها إلى خصائص المسؤوليّة والإدارة محتوائيّاً وفنيّاً ، هذا ما وقفنا عليه وقوفاً استقرائيّاً ، وقد وجدنا القلّة القليلة فقط من هذه «المجموعة الصغيرة المحدّدة» التي بإمكانها النهوض بأعباء المهمّة ; لتوفّرها على المواصفات النوعيّة والموضوعيّة ، المحتوائيّة والفنيّة ، التي تمنح القدرة والإمكانيّة في الإجابة عن سلسلة التساؤلات والإشكاليّات والإبهامات والشبهات ، مستمرّة الطرح على الدوام منذ القدم حتى نهاية المطاف ..
إنّ ذوي الخبرة والتخصّص والفضل يشهدون بمظلوميّة «علم الكلام» والغربة هذه يعانيها حتى من أرفع مراكز القرار الديني والمعرفي ، وهذا الضعف الخطير المزمن تاركٌ آثاره على شتّى فضاءاتنا الفكريّة والعقليّة والمعرفيّة ; والمقارنة البدائيّة ـ على صعيد الاهتمام والعناية والممارسة والتداول ـ بين علم الكلام وسائر العلوم ـ كالفقه والاُصول مثلاً ـ تظهر نتائجها مغبونيّة هذا العلم المصيري ، فحريٌّ بآفاقنا العلميّة والثقافيّة جعل الترويج له ـ بالدرس والندوة والمناقشة وسائر الأدوات المتاحة ـ على سلّم الأولويّات بلا راجح عليه ; إذ علم الكلام يعني حركة العقل والفكر الموّاجة نحو بلوغ المراد ، الحركة التي تثبت صحّة الادّعاء ممّا يمهّد السبيل إلى إيمان حقيقي قائم على فاعليّة العقل ، فإذا ما امتلك العقل القناعة طبق المعايير والمناهج السليمة ، فإنّها تفضي إلى فضاءات من العقل الجمعي الممهّدة لحركة شاملة على صعيد الإيمان المعهود ..