أمامنا أرباب المنطق القديم والميتافيزيقيا أمثال أرسطو وأفلاطون وسقراط وأقرانهم وأتباعهم ; وأرباب التجريبيّة الثائرة على المنطق القديم أمثال فرانسيس بيكون وهيوم وهيدجر وأقرانهم وأتباعهم ; وأرباب محاولات الجمع بين المكتبين التي لم يكتب لها النجاح المطلوب أمثال كَنْت وأقرانه وأتباعه ; أمامنا البنيويّة وما بعد البنيويّة والحداثة وما بعد الحداثة ; أمامنا بحوث وحروب وصراعات وجدالات «الفرقة الناجية» التي لم يسلم منها أحد ولم يُبرّأ منها أحد ; أمامنا هذا السيل الهادر المتواصل من الشبهات والافتراءات والانتقادات والإشكاليّات ; أمامنا الموضات الجديدة القديمة من يافطات الصفونة والعربنة المذهبيّة الطائفيّة والهجمات المدروسة على النبيّ والقرآن والإسلام ...
أمامنا كلّ هذه الملفّات ونحن لازلنا بكبار نخبنا ومثقّفينا لا نعرف أو لا نريد أن ندرك ـ مثلاً ـ معنى العقل القبلي والبعدي وتطبيقاته على الشريعة وأدواتها الرئيسة ، وهل أنّها ـ مثل الاجتهاد والتقليد ـ في طول الشريعة أم في عرضها ، هل هي نتاج العقل الأوّل أم العقل الثاني ، وهكذا مبدأ «شكر المنعم» و «حقّ الطاعة» وغيرها ; لا نريد التفكير في مجرّد سماعها حتى ، ناهيك عن الخوض فيها وافتراشها على طاولة البحث والنقاش ; إذ اعتدنا على تلقّي الوصفات الجاهزة ، بل جعلنا من النصّ وصفةً جاهزة جامدة لا تقبل الحفر والمراجعة والاستنطاق والمقارنة والتحليل ; جعلاً ربما منشؤه الهاجس والخشية المعرفيّة من عدم الإثبات والتفوّق الذاتي الذي يضرّ بغرور أنفسنا واعتبارنا ومنزلتنا ; وربما منشؤه