بمراحل الفحص الشاقّة ، فما بين الثبوت والإثبات مناطق تنقيب ومحطّات اختبار وأدوات تحليل وبعثرة كي يثبت المراد ، وإذا ما ثبت المراد فلا يعني ذلك نهاية العالم ، بل الحركة دائمة القراءة والمراجعة والمقارنة والحفر والبعثرة والتحليل والتمسّح والاستنتاج ليرشح في كلّ مرّة شيءٌ يواكب الجديد ، وهذه هي خصيصة الفكر المتكامل الشامل ; إنّه لا يخاف الشبهة الزمكانية ولا يهاب الوارد ولا يخشى التغيير ، إنّه يتعامل تعاملاً علميّاً أخلاقيّاً لا يقبل الشكّ والترديد ، حينها لا يكون للتبعيّة والذيليّة والتقليديّة ـ بل للشعاريّة والاستعراضيّة والقشريّة ـ دخلٌ في تعيين المصير وتشخيص السبيل ..
ولقد اُسيئ استخدام مفهوم «الظاهر حجّة» أيّما إساءة ; حيث سرى في أروقتنا سريان النار في الهشيم ، حتى صارت مظاهر الحياة ملاكاً وميزاناً وضابطاً في القضاء والحكم ، وغدا الملبس والمأكل والمركب مؤشّراً «حقيقيّاً» في المعرفة والفهم!! ذلك بفعل حكومة الظاهر على الباطن والشعار على العمل والاستعراض على الحقيقة والمسرح على الواقع ، وهكذا رويداً رويدا صرنا لا نفهم من عقائدنا وأخلاقنا سوى رؤوس أقلام وعناوين خافتة رمزيّة المحتوى ، وبات الغالب منّا ـ مثلاً ـ يختصر أو يرى الولاء لأهل البيت عليهم السلام في محطّات معيّنة ، أمّا مَن هم أهل البيت ، ما هي سيرتهم وعلومهم ورؤاهم وأهدافهم ، وكيف يتسنّى لنا الاقتداء بهم اقتداءً محتوائيّاً؟ فهذا من القضايا الغريبة أو المسائل التي ليست محلّ ابتلائنا!!