انغماس محض في عالم المادّة ، ولا تصوّف محض ، بل أمرٌ بين الأمرين ، شريطة التقيّد بالحدود والأحكام التي تنظّم حركة الحياة ، فكما لا تحريم لزينة الحياة الدنيا ، كذلك لا تسيّب ولا انفلات ولا حرّيّة على الإطلاق ..
هذه الرؤية إنّما هي نظريّتنا إزاء الحياة وفلسفة التواجد فيها ; بخلاف الواقع الذي نحياه ، حيث هيمنت سلطة المال المحض وكوّنت فضاءً حكم الناس واكتسح التاريخ والفكر والضمير الإنساني ، وصار للمال المادّي كلمة الفصل والسيادة والقدرة والنفوذ والتسلّط على الأفكار والأحاسيس ، حتى غزانا نحن أيضاً أصحاب النظريّة التي تحدّ من هيمنة المادّة وتستقطب العباد إلى الآفاق الروحانيّة المفعمة بالإيمان ومجاهدة كلّ ما يعيق حركة الاعتقاد ورسوخها في العقل والقلب ، فغدونا وغدا الكثير من أقطابنا يلوّح ويستخدم المادّة لتركيعنا وإذلالنا تارةً وإغوائنا وإغرائنا تارةً اُخرى ، فلا مائز إذن ، إنّها ذات الأداة والوسيلة التي يوظّفها الجميع لبسط الهيمنة والنفوذ والسيطرة ، إنّما المائز في كوننا أتباع نظريّة لا نعمل بها واُولئك أتباع نظريّة يعملون بها.
نحن لا نستطيع تغيير أنفسنا ومن حوالينا والعالم طرّاً بمجرّد انتمائنا واعتقادنا نظريّاً بنظريّة ورسالة نرى أنّها الأسلم والأشمل والأكمل والأعمق دون التلقّي والفهم والممارسة والمتابعة السليمة طرّاً ، بأدوات وآليات وسبل كلّها صحيحة ، متناسبة مع المكان والزمان ، فهي الكفيلة بإيجاد التغيير والنموّ والانطلاق نحو نهضة إنسانيّة جادّة ترفض السطحيّة والقشريّة والشعاريّة والاستعراضيّة التي هي وجهٌ آخر من وجوه الخداع ،