والتوازن ، اُمّة اختارها الله كي تتحمّل المسؤوليّة والأمانة السماويّة الملقاة على عاتقها ، اُمّة بإمكانها تهيئة أرضيّة ظهور المنقذ الذي تتكلّل به كلّ المساعي والجهود المبذولة من أجل بناء عالم يلفظ الظلم والتعسّف والاضطهاد والترويع والفقر والانحراف ، وينشد الخير والأمان والعدل والرفاه والحبّ والسلام ..
إنّ اليقين القيَمي والمبدأي الحاصل من خلال منهج علمي دقيق يقودنا إلى نفض غبار الخيال والأوهام وإبراز الشكل والمحتوى لحقيقة فكر ورسالة لها من العمق والشمول ما جعل سائر الحضارات تستلهم منها روح الحركة والإبداع والتطوّر ..
فلسنا إذن ـ كما ادّعى علينا فون كريمر (١) ـ مجرّد تجريبيّين وأصحاب ملاحظة دقيقة بالأخذ من الرواية والتقليد ، ولسنا في حقل المعرفة النظريّة والتفكير التجريدي مجرّد عبء على الفلسفة الارسطوطاليسيّة والأفلاطونيّة ، حتى إذا حاولنا الخروج من إطار الفلسفة الإغريقيّة كان الخيال الشارد يؤدّي بنا إلى خيالات وأوهام وإلى نوع من الغيبة التي لا شكل لها ....
بعبارة اُخرى : ليس الإسلام قد قدّر له بعد فترة قصيرة جدّاً من النمو والتطوّر أن يتّخذ شكلاً جامداً ثابتاً لا يقبل التغيّر ، كما أبداه «كينن» ، فردّ عليه «جولد تسيهر» بأنّ التاريخ الداخلي للحركات الدينيّة السياسيّة في الإسلام عبارة عن صراع بين السنّة والبِدَع ، أي بين مبدأ
__________________
١ .. Culturgeschich des orien ١١,٤٦٦ (Vinna,١٨٧٥ ـ ٧) ..