أمّا «الوَسَط» في النصّ الإلهي المقدّس :
فقيل : معناه خياراً أو عدولاً ، هو في الأصل اسم لما يستوي نسبة الجوانب إليه كالمركز ، ثم استعير للخصال المحمودة البشريّة ; لكونها أوساطاً للخصال الذميمة المكتنفة بها من طرفي الإفراط والتفريط ، كالجود بين الإسراف والبخل ، والشجاعة بين الجبن والتهوّر ، والحكمة بين الجربزة والبلادة ..
على أنّ من نظر بعين الإنصاف لم يَرَ في الآية أكثر من دلالتها على أفضليّة هذه الاُمّة على سائر الاُمم ..
نعم ، ذهب بعض الشيعة إلى أنّ الآية خاصّة بالأئمّة الإثني عشر ، ورووا عن الباقر أنّه قال : «نحن الاُمّة الوسط ، ونحن شهداء الله على خلقه ، وحجّته على أرضه» وعن علي كرّم الله وجهه : «نحن الذين قال الله تعالى فيهم (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً)» وقالوا : قول كلّ واحد من اُولئك حجّة فضلاً عن إجماعهم ، وأنّ الأرض لاتخلو عن واحد منهم حتى يرث الله تعالى الأرض ومَن عليها ..
ولا يخفى أنّ دون إثبات ما قالوه خرط القتاد (١) ..
وقيل : يعني كما هديناكم أيّها المؤمنون بمحمّد عليه السلام وبما جاءكم به من عند الله ، فخصصناكم بالتوفيق لقبلة إبراهيم وملّته ، وفضّلناكم بذلك على مَن سواكم من أهل الملل ، كذلك خصصناكم
__________________
١ .. الآلوسي البغدادي ، روح المعاني ٢ : ٤ ـ ٥ ، دار إحياء التراث العربي ..