ولسنا في غفلة عن الالتزام بالمعايير العلميّة والمنهجيّة في إدارة البحث من جهة عدم استباق النتائج وإعلان الحكم ابتداءً بلا مزاولة للدليل والشاهد ، وهذا ما جعلنا نعبّر عن محاولتنا بهيئة المضارعة «يؤهّل» لا الماضي ، غير منكرين في الوقت نفسه المعاني والأفهام السابقة التي خاضت مجال البحث ذاته وتوصّلت إلى النتائج المطلوبة طبق معاييرها ومقاصدها ، بل لا نروم الإتيان بشيء جديد على صعيد المعنى والفهم لأصل «الوسطيّة» وفاعليّتها وعمق جذورها وتأثيراتها التأريخيّة والفكريّة ..
إنّنا على عزم لإيجاد نوع من التناغم والتواصل والتلاقح والتلاقي والتفاعل والانسجام بين الاُصول والثوابت من جهة ، وبين الحداثة والمعاصرة من جهة اُخرى ، من خلال طرح فهمنا لمعنى «الوسطيّة» المستقى من صميم القيم والمبادئ الدينيّة .. وهذا التناغم إن عُدّ فهماً ومعنىً بين المعاني فلا غضاضة ..
إنّ العيّنات المتوفّرة لغويّاً منها ما يشير إلى كون الوسط من كلّ شيء : أعدله ، ويقال : شيء وسط ، أي بين الجيّد والردي ... أوْسَطُ الشيء : أفضله وخياره ... وَسْط القوم : بينهم ... وَسَط الدار منها ، ووَسْط القوم غيرهم ... وتوسَّط بينهم : عَمِلَ الوساطة ، وتَوسَّط : أخذ الوَسَط .. الوَسَط : المعتدل (١) ..
__________________
١ .. تاج العروس ١٠ : مادّة وسط ، السيّد محمّد مرتضى الحسيني الواسطي الزبيدي ، دار الفكر بيروت ; المنجد ، مادّة وسط ، دار المشرق بيروت ..