والثوابت ويناغم الجديد والحديث ، ممّا يعني : صنع عجينة مركّبة أساسها وقواعدها وأعمدتها وجوهرها الاُصول والثوابت ، وغلافها ومظاهرها ووسائطها مستفادة من الوارد الجديد ، العجينة التي بإمكانها أن تكون غذاء الحياة المعاصرة ، فتسدّ الرمق وتشبع الجائع وتروي الضمآن ، كما تصنع مناعة قويّة وأرضيّة صلبة تكادح بها الآفات بألوانها وأساليبها .. فلا مندوحة من الأخذ بالحادث الجديد والعمل به مادام لا يتعارض مع اُسسنا وجوهر عقائدنا ..
إنّ الذي يجعلنا أكثر اطمئناناً بإمكانيّة الخروج من المأزق النوعي الذي يعترضنا بين الحين والآخر دعوة النصّ الشفّافة لنا بضرورة الأخذ بزمام الاُمور والتصدّي للإجابة عن سؤال الحياة الكبير ، شريطة التقيّد «بالوسطيّة» بما تعنيه من مفهوم ومبدأ وإطار ونهج وممارسة (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) (١) ..
إنّ النصّ بمطلقيّة محتواه متسام فوق القيود الزمانيّة والمكانيّة والأفهام والتفسيرات النسبيّة صبغةً ومضموناً ، وهذا ما يؤهّل الوسطيّة أن تكون أصلاً ثابتاً من ثوابت الحياة والفكر والتأريخ ، ممّا يجعلنا نركّز البحث بلَيِّ جِيدِهِ قليلاً وعطفه حيال الوسطيّة ، كي نتمكّن من الحصول على النتيجة المتوخاة ..
__________________
١ .. سورة البقرة : ١٤٣ ..