برفعة وسموٍّ ، من علو ..
ولِمَ لا يكون إذن ـ كما قيل ـ أقوى وأمضى سلاح على الإطلاق يملكه الإنسان في حربه مع المجهول؟! فلولا أن يعمل الفكر ويتأمّل في السكينة لكنّا لازلنا قابعين في غياهب المغاور .. وهذا السلاح يصدأ بالإهمال وقلّة الاستعمال ، أو بالاستعمال في الأغراض التي ليس لأجلها وُجد .. ونحن عندما نكثر الكلام في توافه الأُمور إنّما نسدّ على الفكر المنافذ إلى جليلها ، فنعطلّه عن العمل المثمر بدلاً من أنّ نشحذه وندفعه ، ونحن إذ نلهي الفكر بالقيل والقال فكأ نّنا نسخّر العاصفة لنقل قشّة من هنا إلى هناك ، نسخّر الصاعقة لقتل ذبابة أو بعوضة .. ومثلما لا يتمّ الحمل ولا ينمو الجنين إلاّ في سكينة الأرحام وظلماتها ، كذلك لا يحبل الفكر بعظائم الأُمور إلاّ في سكينة الخلوات والتأمّلات ..
وعليه ، فقد أصّلوا للفكر :
أنّه أذا جرى مجراه الطبيعي المستقيم أن يكون حواراً بين «لا» و «نعم» وما يتوسّطهما من ظلال وأطياف ، فلا الرفض المطلق الأعمى يعدّ فكراً ولا القبول المطلق الأعمى يعدّفكراً ، ففي الأوّل عناد الأطفال ، وفي الثاني طاعة العبيد ...
وأ نّه ليس ترفاً يلهو به أصحابه ، بل مرتبطٌ بالمشكلات التي يحياها الناس حياةً يكتنفها العناء ، فيريدون لها حلاًّ ..
وفكرنا الإسلامي يقال فيه :