تكون فكرة إذا تكلّمت في بيان مجلو؟!
متى ابتعد الحسّ عن ترّهات الوجود محلّقاً في دهاليز النفس ... في سراديبها ... تناول هذا الوجود كأكثر ديباجة قاموسيّة ، تناوله من جهة الحقّ الذي ينير .. ومتى أغار الفكر على المعطيات البادئة على ألفباء الكائنات ... نظر إلى الوجود من وراء عينيه ، ليراه بأجفان الحالم ، أي بعصبيّة العاشق ، لهذا ينتهي البيان ..
الحسّ الكبير لا يرضى بما يحدّ إطاره فلا يبدأ ، والفكرة الكبيرة لا تقنع بما ينتهي فلا يعاد ، إنّ معناها الأسمى هو في البادئ المعيد ، نعني في مجاز الحقيقة لا في الحقيقة ذاتها ..
الحسّ لا يفتأ يتلمّح غيباً في كلّ حاضر ، والفكر لا يبرح يضرب في مجاهل كلّ معلوم ، حتى يلتقيا أمام الباب الموصود ، الذي لئن أتيته من جهة القلب أو من جهة العقل إنّه هو هو من حيث جئته ، وتمتدّ اليدان إلى المفتاح العجيب ، حتى إذا لمستاه احترقت الأصابع وترمّدت فوق العتبة الغريبة .. هناك يصبح كلّ شيء رؤية ، والرؤية بلاغة» ..
و «لئن كان الإنسان اُعجوبة الخليقة كما يقولون وكان فكر الإنسان أعجب ما في الإنسان ، فإنّ هذا الفكر قد أبدع عجائب ثلاثاً جعلت للحياة معنى ورونقاً جديدين ، وتلك العجائب الإنسانيّة هي : الكلمة والحرف والمطبعة .. من يستطيع أن يتصوّر الحياة خالية من الكلام؟ نعم ، السكوت جميل ، وله أسرار هي حيناً مرعبة كظلمات اللجج ، وآناً لامعة كمُقل