الأشياء فيستجليها ثم يقارنها بالظواهر ويستغرق في نظرته الشاملة مجموع ذلك كلّه ، ليستغرق الفكرة التي يبديها للناس غضّةً يانعةً غير مهتمّ بالذين لا يلقون لها بالاً أو بالذين يعتبرونها خارقة للمألوف أو خارجة عن حدود المعقول» ..
«لقد كان الفكر العربي فكراً عربيّاً خالصاً ـ إلاّ قليلاً ـ في الجاهليّة من حيث طبيعته ومن حيث لغته ، أمّا في الإسلام فنحن نسمّيه فكراً عربيّاً على نوع من التجوّز ، وهو في الواقع فكر اُمم مختلفة اتّخذت اللغة العربيّة أداة لتفكيرها ، وهو فكر العرب وفكر الفرس وفكر الروم وفكر المصريّين ، مُزج كلّه مزجاً قويّاً واتّخذ اللغة العربيّة أداته واتّخذ الإسلام أساسه» ..
«الفكر والحسّ شرطان للخلود في كلّ رائعة إنسانيّة ، ولا نعني بالفكر جفاف المنطق ، بل مدّاً في العقل إلى مراتع الجمال ، ولا نعني بالحسّ رخاوة المتميّع ، بل حناناً في القلب إلى مضارب الحقّ .. الفكر والحسّ في ناطحات الوجدان اقنوم واحد ، هناك فوق تلك الحافّات اللاهبة يتعانقان ، هناك تنقلب الإنسانيّة بهما من شحيح الواقع إلى سخاء المجاز ; نقول هذا لأنّ الحسّ لا يبدع في النفس كألفاظ مجرّدة ، وإنّما يدور دورته الخلاّقة بالدلالات التي يشير بها إلى الحقّ الأكبر ، وهل تبطل اللفظة عن أن تكون حسّاً إذا عنت حقائق إنسانيّة عالية؟! ونقول هذا أيضاً لأنّ الفكر لا يبدع في النفس كفِكَر مجرّدة فقط ، وإنّما يدور دورته الخلاّقة بالقلم المعسول ، أي بالكلمة الجميلة ، وهل تبطل الفكرة عن أن