ذلك الإنسان الذي آلَ على نفسه إلاّ أن يكون مركز إشعاع وقطب هداية ومحور تأثير ..
فالفكرة قد تصدر ممّن توفّرت فيه شروط الإصدار ، وقد تصدر ممّن سواه ، وشتّان ما بينهما في التأثير والتغيير ، ولعلّ الثاني أقرب إلى التخريب والنسف منه إلى الإعمار والبناء ..
ولا نحسبُ الناسَ رعاعاً عواماً لا يفقهون شيئاً ، فهذا أوّل الفشل ، علينا أن نحسب فيهم الوعي والبصيرة ، كلٌّ حسب وعيه وبصيرته لا حسب جهله وقصر فهمه ، حسابٌ مرتكزٌ على الحقيقة والعدل والإنصاف ..
إنّ المعارف والعلوم والفنون تبقى قوى كامنة إن لم تجد الطريق الصحيح إلى حيّز الممارسة والفعليّة ، والطريق الصحيح هو الإبداع الإنساني والبلورة الابتكاريّة طبق الأنساق العلميّة السليمة والأدوات المعرفيّة المباحة التي تجيد قراءة العلوم والفنون واستنطاقها وتحليلها ومقارنتها واستخلاص النتائج منها ، سواء بالاكتشاف أو الاختراع ، وإلاّ فهي عبءٌ ثقيل واجترارٌ مُمِلٌّ وتبعيّة مرهقة ..
ولا نريد الحطّ من قدر الأداء التنفيذي وإنجاز المهامّ الملقاة على عاتق الإنسان ، لكنّه جهد يغلب عليه العنصر الفيزيائي التقليدي ، وهذه الحاجة من السهل تذليلها والاكتفاء منها ; لاحتواء مخازننا الإنسانيّة عليها ، إنّما الحاجة التي تكلّفنا باهض الدفع هي عناصر الابتكار