كأنهم
قالوا إذا قلنا ائت أبانين ، فإنما يعني هذين الجبلين بأعيانهما اللذين نشير لك
إليهما. ألا ترى أنهم لم يقولوا : أمرر بأبان كذا وأبان كذا ، ولم يفرقوا بينهما ؛
لأنهم جعلوا أبانين اسما لهما يعرفان به بأعيانهما.
وليس
كذلك هذا في الأناسي ولا في الدواب ، إنما يكون هذا في الأماكن والجبال وما أشبه
ذلك ، من قبل أن الأماكن لا تزول ، فيصير كل واحد من الجبلين داخلا عندهم في مثل
ما دخل فيه صاحبه من الحال في الثّبات والخصب والقحط ، ولا يشار إلى واحد منهما
بتعريف دون الآخر ، فصارا كالواحد الذي لا يزايله منه شيء حيث كان في الأناسي
والدواب ، والإنسانان والدّابتان لا يثنيان أبدا يزولان ويتصرفان ، ويشار إلى
أحدهما والآخر غائب ، ولا يقولون أبان الأيمن ولا أبان الأيسر ، ولا الشرقي ولا
الغربي ، ويقولون : هذه عرفات ، وهؤلاء عرفات ، وهذه عرفة".
قال أبو الحسن
: وقد يجوز في الشعر أن يتكلم بأبان واحد وبعينهما.
قال أبو سعيد :
هذا يجوز في كل اثنين يصطحبان ولا يفارق أحدهما صاحبه ، وذلك في الشعر وغيره ،
فأما أبان فقد قال لبيد :
درس المنا
بمتالع فأبان
|
|
فتقادمت
بالحبس فالسّوبان
|
قال أبو ذؤيب :
والعين بعدهم
كأنّ حداقها
|
|
سملت بشوك
فهي عور تدمع
|
ويقول القائل
في كلامه : لبس زيد خفّ ، ولبس زيد نعله يريد النعلين.
قال
: " وأما قولهم : أعطيكم سنّة العمرين ، فإنما أدخلوا الألف واللام على عمرين
؛ لأن عمرين نكرة على ما تقدم من القول في زيدين ، وتعرّفهما بالألف واللام ،
وأكثر الناس على أن سنّة العمرين ؛ سنّة : أبي بكر وعمر ، واختاروا التثنية على
لفظ عمر لأنّه مفرد ، وهو أخف في اللفظ من المضاف ، ومنهم من يقول اختير لفظ عمر
لطول أيامه وكثرة فتوحه وشهرة آثاره. ويروى أنه قيل لعثمان رضياللهعنه : نسألك سنّة
العمرين.
__________________