قال سيبويه : (كأنه قال : زحيرا ، وأنينا ، والأولى عندي أن نجعل أنانا مصدرا للفعل الذي يعمل في زحّار ، أو لزحّار نفسه فيكون التقدير : تزحر أنينا ، لأنّ يزحر ويئنّ يتقاربان ؛ فهو مثل قولك : تبسّمت وميض البرق ، وإنما اخترت هذا لأنّه لا واو في قولك زحّارا أنانا).
هذا باب ما أجرى من الأسماء التي لم تؤخذ من الفعل
مجرى الأسماء التي أخذت من الفعل
(وذلك قولك : أتميميّا مرّة وقيسيّا أخرى ، وإنّما هذا أنّك رأيت رجلا في حال تلوّن وتنقّل ، فقلت : أتميميّا مرّة وقيسيا أخرى ؛ كأنك تقول : أتتحوّل تميميّا مرّة وقيسيّا أخرى.
فأنت في هذه الحال تعمل في تثبيت هذا له ، وهو عندك في تلك الحال في تلوّن وتنقّل ، وليس تسأله مسترشدا عن أمر هو جاهل به لتفهّمه إيّاه وتخبره عنه ولكنّك وبخته بذلك).
قال أبو سعيد : وهذا الباب مثل الذي قبله إلّا أنّ الاسم الذي نصبه ليس بمأخوذ من فعل فأحوج إلى تقدير فعل ليس من لفظه مما شاهده من حاله.
قال سيبويه : (وحدّثنا بعض العرب : أنّ رجلا من بني أسد قال يوم جبلة واستقبله بعير أعور فتطيّر ـ فقال : يا بني أسد ، أعور وذا ناب!
فلم يرد أن يسترشدهم ليخبروه عن عوره وصحّته ، ولكنّه نبّههم كأنّه قال : أتستقبلون أعور وذا ناب!
فالاستقبال في حال تنبيهه إيّاهم كان واقعا ، كما كان التلوّن والتنقّل عندك ثابتين في الحال الأولى ، وأراد أن يثّبّت لهم الأعور ليحذروه).
قال أبو سعيد : يوم جبلة : يوم لبني عامر على بني أسد وذبيان ، وتطيّر هذا الأسديّ على قومه من استقبالهم هذا البعير الأعور فحقّق محذوره وهزموا وقتل منهم.
والفعل الناصب الأعور وذا ناب أتستقبلون ، وكأنّ ذلك في الحال المشاهدة.
قال سيبويه : (ومثل ذلك : قول الشاعر :