تعظون؟
فقالوا : معذرتنا إياهم معذرة إلى ربّكم.
ولو قال رجل لرجل : معذرة إلى الله وإليكم من كذا وكذا ، يريد اعتذارا ، لنصب ومثله قول الشّاعر :
يشكو إليّ جملي طول السّرى |
|
صبر جميل فكلانا مبتلى (١) |
والنصب أجود وأكثر لأنه يأمره بالصّبر.
ومثل الرّفع قول الله عزوجل (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ)(٢).
فنصب صبر في البيت أجود ؛ لأن الجمل كان شاكيا لطول السّرى فأمره صاحبه بالصّبر ، والذي في الآية إخبار يعقوب عليهالسلام بصبر حاصل فيه ، أو تخبرنا بأنه سيكون فيه عند فقدان يوسف عليهالسلام لأنه قال (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ)(٣). أي فأمري صبر جميل ، والمضمر الذي يكون بعده مرفوع كالمضمر الذي بعده منصوب في ترك إظهاره لأنّ المعنيين متقاربان.
هذا باب ـ أيضا ـ من المصادر ينتصب على إضمار الفعل
المتروك إظهاره
(ولكنها مصادر وضعت موضعا واحدا لا يتصرف في كلام تصرّف ما ذكرنا من المصادر ، وتصرّفها أنها تقع في موضع الجر والرفع وتدخلها الألف واللام.
وذلك قولك : سبحان الله ، ومعاذ الله وريحانه ، وعمرك الله إلّا فعلت ، وقعدك الله إلّا فعلت ، كأنّه حيث قال : سبحان الله قال تسبيحا ، وحيث قال : وريحانه قال واسترزاقا ، لأنّ معنى الرّيحان : الرزق ، فنصب هذا على معنى أسّبح الله تسبيحا ، وأسترزق الله استرزاقا ، فهذا بمنزلة سبحان الله وريحانه.
وخزل الفعل هنا لأنّه بدل من اللّفظ بقوله أسبّحك وأسترزقك ، وكأنه حيث
__________________
(١) رجز منسوب ل (ملبد بن حرملة) : تهذيب إصلاح المنطق ٣٦١ ، ٥٣٩ ؛ تاج العروس (شكى).
(٢) سورة يوسف ، الآية : ١٨.
(٣) سورة يوسف ، الآية : ١٨.