بمنزلة قولك : لله بلادك ، وتقول : " عجبت له من ضرب أخيه" يكون المصدر مضافا فعل أو لم يفعل ، ويكون منوّنا ، وليس بمنزلة" ضارب".
يعني أن المصدر إذا نونته عمل فيما بعده ، سواء أكان من فعل ماض أم مستقبل ، كقولك : " عجبت من ضرب زيد عمرا أمس".
ولا يجوز إعمال اسم الفاعل إذا كان مأخوذا من فعل ماض ، وقد تقدم القول في الفرق بين هذين.
هذا باب الصفة المشبهة
بالفاعل فيما عملت فيه ، ولم تقو أن تعمل عمل الفاعل ؛ لأنها ليست في معنى الفعل المضارع ، فإنما شبّهت بالفاعل فيما عملت فيه ، وما تعمل فيه معلوم ، إنما تعمل فيما كان من سببها معرّفا بالألف واللام أو نكرة لا تجاوز هذا لأنه ليس بفعل ، ولا اسم هو في معناه.
قال أبو سعيد : ينبغي أن نقدم جملة نوطئ بها شرح هذا الباب ونقربه ؛ حتى نوقف على أصله ، والسبب الذي أجاز تغييره عنه ، وبالله تسديدنا.
اعلم أن العرب قد تصف الشيء بفعل غيره إذا كانت بينهما وصلة في اللفظ بضمير يرجع إلى الموصوف ، فمن ذلك قولك : " مررت برجل قائم أبوه" ، و" مررت برجل ذاهب عمرو إليه" و" رأيت رجلا محبّة له جاريتك" نعت رجلا بقيام أبيه ، وذهاب عمرو ، ومحبة الجارية ، لما كان في الكلام ضمير يعود إليه ولو لم يكن ضمير يعود إليه لم يجز الكلام ، ولا تقول : " مررت برجل قائم عمرو" لأنه لا وصلة بينهما.
فإذا قد تبين ما وصفناه ، وصح أن الشيء يوصف بفعل غيره ؛ للعلاقة اللفظية التي بينهما جاز أيضا أن ترفع الشيء بفعل غيره إذا كان على ما ذكرنا ، من الضمير العائد إلى الأول ، وهو الذي يشتمل عليه ابتداء هذا الباب ، وتلزمه هذه الترجمة ، ويقال له : " الصفة المشبهة" وذلك قولك : " مررت برجل حسن الوجه" و" مررت برجل قائم الأب" ، " وبامرأة حسنة الوجه" وكان الأصل في ذلك : " مررت برجل حسن وجهه" ، و" بامرأة حسن وجهها" ، فإذا قلت ذلك فقد نعتّ الرجل والمرأة بالحسن الذي للوجه ، ورفعت الوجه بفعله ، وكذلك إذا قلت : " مررت برجل قائم الأب" فالأصل فيه : " مررت برجل قائم أبوه" نعتّ رجلا بقيام أبيه ورفعت الأب بفعله ، وجعلت الضمير العائد إلى الرجل