ثم كثر الكلام فأدخلوا لها لاما أخرى ، يعني ويل لك ، وويح لك ، وذكر أن ويسا ، وويحا هما كنايتان عن الويل والويح ، لأنّ الويل كلمة شتم معروفة مصرّحة ، وقد استعملتها العرب حتّى صارت تعجّبا ، يقولها أحدهم لمن يحبّ ولمن يبغض ، وكنّوا بالويس عنها ، ولذلك قال بعض العلماء : الويس : رحمة ، كما كنّوا عن غيرها فقالوا : قاتله الله ، ثم استعظموا ذلك فقالوا : قاتعه الله ، وكاتعه الله ، كما قالوا : جوعا ثم كنوا عنها فقالوا : جوسا له ، وجودا وترابا له ومعناه : الجوع.
قال أبو سعيد : لو كان القول على ما قال الفرّاء لما قيل : ويل لزيد فتضمّ اللام وتنوّن وتدخل لاما أخرى.
فإن قال قائل : لمّا كثر الكلام توهّموا أنّها من الأصل.
قيل له : قد أقررت أنّ الذي أدخل اللّام الثانية أدخلها على أنّ اللام من الأصل توهّما وغلطا ، وبعيد أن نتوهّم كلّ هذا الغلط ونستعمله ، وإنّما الغلط يجوز على بعض ويجيء شاذا.
وأيضا لو كان الأمر على إدخال لام أخرى لكان ينبغي أن تترك هذه على كسرتها أو فتحتها فيقال : ويللزيد أو يللزيد وويللك وهذا بيّن واضح.
هذا باب ما ينتصب على إضمار الفعل المتروك إظهاره من المصادر في
غير الدّعاء
(من ذلك قولك حمدا وشكرا لا كفرا وعجبا ، وأفعل ذاك وكرامة ومسرّة ونعمة عين ، وحبّا ونعام عين ، ونعمى عين ، ولا أفعل ذاك ولا كيدا ولا همّا ، ولأفعلنّ ذاك رغما وهوانا).
وهذا الباب الفعل المضمر فيه العامل في هذه المصادر إخبار يخبر المتكلم فيه عن نفسه وليس بدعاء على أحد ، ولكنّه قد ضارع الدعاء ؛ لأن المضمر فعل مستقبل فأشبه الدّعاء لاستقباله ، كأنّه قال : أحمد الله حمدا ، وأشكر الله شكرا ، وأعجب عجبا ، وأكرمك كرامة ، وأسرّك مسرّة ، وإذا قال : ولا كيدا ولا هما ، فمعناه : ولا أكاد كيدا ، ولا أهمّ هما به تبعيدا لما نفى أن يفعل.
وقوله : لأفعلنّ ذلك رغما وهوانا أي : أرغمك بفعله رغما ، وأهينك هوانا به ، والرّغم : لصوق الأنف بالتّراب ، وإنما يراد به الذّلّ ، وحذف الفعل المقدّر في هذا كحذفه