لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ)(١) إنما هي لجميع ، وما لغو في الآيتين. وقال في دخولها على الفعل : (وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ)(٢) و (وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ)(٣) والمذهب الآخر في (إنّ) إذا خففت أن لا يبطل عملها وتكون بمنزلة فعل سقط بعض حروفه وبقي عمله ، كقولك : لم يك زيد منطلقا ، ولم أنل زيدا ، ومثله قراءة أهل المدينة (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) [هود : ١١] كما قالوا : كأن ثدييه حقان.
قال : وحدثنا من نثق به أنه سمع من العرب من يقول إن عمرا لمنطلق ، وإذا عملت لم يلزمها دخول اللام ؛ لأنها كالمشددة وزال اللبس بينها وبين (إن) التي بمعنى (ما) ولم يلها الفعل ، ويجوز أن تقول إن زيدا منطلق وإن كلا قائم ، والأكثر في المخففة أن يبطل عملها ؛ لأنها كانت تعمل بلفظها ، وفتح آخرها ، وقد بطل اللفظ الذي كانت تعمل به ، والفعل يعمل بمعناه وإن نقص لفظه ، وقد جاء التخفيف والإعمال في المفتوحة وأنشدوا :
فلو أنك في يوم الرخاء سألتني |
|
فراقك لم أنجل وأنت صديق (٤) |
وليس هذا بالجيد ولا بالكثير كالمكسورة.
هذا باب ما يحسن عليه السكوت في هذه الأحرف الخمسة
لإضمارك ما يكون مستقرا لها ، وموضعها لو أظهرته وليس هذا المضمر بنفس المظهر ، وذلك إنّ مالا وإنّ ولدا وإنّ عددا ؛ أي أن لهم مالا ، فالذي أضمرت لهم. ويقول الرجل للرجل هل لكم أحد؟ إن الناس عليكم ، فيقول : إن زيدا وإنّ عمرا أي إن لنا.
وقال الأعشى :
أن محلا وإن مرتحلا |
|
وإن في السفر إذ مضى مهلا (٥) |
قال أبو سعيد : ويروى إنّ للسفر ما مضى ، ومعناه إن لنا محلا يعني في الدنيا إذا
__________________
(١) سورة يس ، الآية : ٣٢.
(٢) سورة الأعراف ، الآية ١٠٢.
(٣) سورة الشعراء ، الآية : ١٨٦.
(٤) البيت في ابن يعيش بلا نسبة ٨ / ٧٣ ، والهمع ١ / ١٤٣ ، شرح شواهد المغني للسيوطي ٣٩.
(٥) البيت في ابن يعيش ١ / ١٠٤ ، والكتاب ١ / ٢٨٣ ، والمقتضب ٤ / ١٣٠.