موضع الحال ، ولم يتجاوز ذلك الموضع ، كما لم يتجاوز ما ذكرناه من المصادر في موضعه ، وفيما ذكرنا خلاف من يونس يذكره سيبويه في الباب الذي يليه ونشرحه إن شاء الله.
هذا باب ما ينتصب لأنه حال وقع فيه الأمر وهو اسم
(وذلك قولك : مررت بهم جميعا وعامّة وجماعة ، كأنك قلت مررت بهم قياما).
قال سيبويه : (وإنما فرقنا بين هذا الباب والباب الأول لأنّ الجميع والعامة اسمان متصرفان ، تقول : كيف عامتكم؟ ، وهؤلاء قوم جميع ، فإذا كان الاسم حالا يكون فيه الأمر لم تدخله الألف واللام ولم يضف).
قال أبو سعيد : ـ رحمهالله ـ اعلم أنك إذا قلت : مررت بهم جميعا فله وجهان :
أحدهما : أن تريد مررت بهم وهم مجتمعون ؛ كما قال الله عزوجل : (أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ)(١).
والآخر أن تريد مررت بهم فجمعتهم بمروري ، وإن كانوا متفرقين في مواضع ، فإن أردت الوجه الأول فهو حال لا وجه له غيره.
وإن أردت الوجه الثاني جاز أن يكون في موضع مصدر بإضمار فعل آخر كأنه قال : جمعتهم جمعا في مروري.
وإن صيرناه حالا فعلى نحو قوله تعالى : (وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً)(٢) وقولهم :
قم قائما ، وقد ذكرنا هذا فيما مضى.
وعامة وجماعة بمنزلة جميع ، ولا يجوز أن تقول : مررت بهم الجميع والعامة والجماعة ، ولا مررت بهم جميعهم وجماعتهم ، كما لا يجوز ضربته القائم تريد قائما ، ولا ضربتهم قائمهم تريد قائمين ، وإنما جاز مررت بهم خمستهم ؛ لأنه على مذهب الخليل وسيبويه يجعل خمستهم بمنزلة المصدر كقولهم طاقته وجهده ، والجمّاء الغفير بمنزلة العراك وطرّا وقاطبة حين لم يكونا موصوفين بمنزلة الجمع ؛ لأنّ القطب في الأصل هو : ضمّ الشيء ، تقول : قطبت الشيء أي : ضممته وجمعته ، والطّرّ : مأخوذ من أطرار الطريق
__________________
(١) سورة القمر ، الآية : ٤٤.
(٢) سورة النساء ، الآية : ٧٩.