قال : (واعلم أن العرب يقولون : معلوجاء وقوم مشيخة ، وقوم مشيوخاء ، يجعلونه صفة بمنزلة : شيوخ ، وعلوج).
وهذا مفهوم ، وقد تركنا من كلامه شيئا دلّ عليه ما ذكرناه وأغنى عنه.
هذا باب ما جرى من الأسماء التي من الأفعال وما أشبهها من الصفات
التي ليست تعمل
(نحو : الحسن والكريم ، وما أشبهه ذلك مجرى الفعل إذا أظهرت بعده الأسماء وأضمرتها ، وذلك قولك : مررت برجل حسن أبواه) ، إلى آخر الفصل.
قال أبو سعيد : مبنى هذا الباب على ما تقدم من توحيد الفعل ، وحقيقة الفعل أنه لا يثنى ولا يجمع ، ولو كان الفعل يثنى ويجمع لكان إذا فعله فاعله مرتين ثني وفاعله واحد ، فيقال : زيد قاما ، وزيد يقومان ، وإذا فعله مرارا قيل : زيد قاموا ، وزيد يقومون ، وهذا باطل لا يعقل ، فهو موحد على كل حال ، وإذا تقدم على الفاعل ظهر توحيده في اللفظ ، وأتى بعده منفصلا منه فاعله موحدا كان أو مثنى أو مجموعا ، كقولك : قام زيد ، وقام أخواك وقام أصحابك ، وإذا تقدمت الأسماء فعمل فيها الابتداء وغيره ، ثم أتي بعد هذا الفعل ، ثم لا بد للفعل من فاعل صار ضمير تلك الأسماء هو فاعل الفعل ، واتصل بالفعل كقولك : زيد قام ، والزيدان قاما ، والزيدون قاموا ، ففي قام ضمير من زيد في النية لا علامة له ، والألف في قاما ضمير الزيدين ، والواو في قاموا ضمير الزيدين.
وإنما أضمرت الأسماء في الفعل ولم تعد ظاهرة لعلتين :
إحداهما : أن الضمير أخف لفظا من الظاهر.
والأخرى : أنه قد علم أن الضمير لا يأتي مبتدأ من تقديم اسم ظاهر ، فعلم أن الضمير يعود على ما جرى ذكره من الأسماء.
وإذا ذكر بعده ظاهر جاز أن يتوهم الضمير الأول إذ الأسماء قد تشترك ألفاظها وهي شتى.
فإن قال قائل : لم لم يجعل للضمير الواحد علامة وجعل الاثنين والجماعة؟
قيل : لأنه معلوم أن الفعل لا بد له من فاعل لا يخلو من الاثنين والجماعة ، فخلوه من الاثنين والجماعة جعل لهما علامة لئلا يقع لبس ، واكتفى بما تقدم في الفعل من حاجة الفعل إلى فاعل من علامة ظاهرة.