بالمشروط وكذا في المطلق على ما اختاره المصنف في الدروس ، من أن تأخيرها عن السنة الأولى لا لعذر يوجب عدم الأجرة ، بناء على أن الإطلاق يقتضي التعجيل فيكون كالمعينة. فإذا جعلنا الثانية فرضه كان كتأخير المطلق ، فلا يجزئ ولا يستحق أجرة ، والمروي في حسنة زرارة أن الأولى فرضه ، والثانية عقوبة ، وتسميتها حينئذ فاسدة مجاز ، وهو الذي مال إليه المصنف. لكن الرواية مقطوعة ، ولو لم نعتبرها لكان القول بأن الثانية فرضه أوضح ، كما ذهب إليه ابن إدريس.
وفصّل العلامة في القواعد غريبا ، فأوجب في المطلقة قضاء الفاسدة في السنة الثانية ، والحج عن النيابة بعد ذلك ، وهو خارج عن الاعتبارين ، لأن غايته أن تكون العقوبة هي الأولى ، فتكون الثانية فرضه ، فلا وجه للثالثة ، ولكنه بنى على أن الإفساد يوجب الحج ثانيا ، فهو سبب فيه كالاستئجار ، فإذا جعلنا الأولى هي الفاسدة لم تقع عن المنوب ، والثانية وجبت بسبب الإفساد ، وهو خارج عن الإجارة فتجب الثالثة ، فعلى هذا ينوي الثانية عن نفسه ، وعلى جعلها الفرض ينويها عن المنوب ، وعلى الرواية ينبغي أن يكون عنه (١) ، مع احتمال كونها عن المنوب أيضا (٢).
(ويستحب) للأجير (إعادة فاضل الأجرة) (٣) عما أنفقه في الحج ذهابا وعودا ، (والإتمام له) من المستأجر عن نفسه ، أو من الوصي مع النص ، لا بدونه (٤) (لو أعوز) ، وهل يستحب لكل منهما إجابة الآخر إلى ذلك تنظر المصنف
______________________________________________________
(١) عن الأجير كما في خبري إسحاق المتقدمين ، وهما ظاهران في أن الأولى فرضه والثانية عقوبة.
(٢) إذا قلنا أن الأولى فرضه والثانية عقوبة ، لأن الثانية متممة للأولى ، وهو على خلاف ظاهر النصوص ، وأما إذا قلنا إن الأولى عقوبة والثانية فرضه فيتعين كونه عن المنوب.
(٣) قال في المدارك : (هذا الحكم مشهور بين الأصحاب ، ولم أقف على مستنده ، واستدل عليه في المعتبر بأنه مع الإعادة يكون قصده بالنيابة القربة لا العوض ، وكأن مراده أنه مع قصد الإعادة ابتداء يكون قصده بالنيابة القربة وهو حسن ، وذكر الأصحاب أنه يستحب للمستأجر أن يتمم للأجير لو أعوزته الأجرة ، وهو كذلك لما فيه من المساعدة للمؤمن ، والرفق به والتعاون على البرّ والتقوى).
(٤) لأن الوصي مع عدم النص يجب عليه العمل بالواجب ، وأما مع النص فيعمل بالمستحب المنصوص على قدر الثلث.