والأقوى القضاء عنه من الميقات خاصة ، لأصالة البراءة من الزائد ، ولأن الواجب الحج عنه ، والطريق لا دخل لها في حقيقته ، ووجوب سلوكها (١) من باب المقدمة ، وتوقفه على مئونة فيجب قضاؤها عنه ، يندفع بأن مقدمة الواجب إذا لم تكن مقصودة بالذات لا تجب وهو هنا كذلك ، ومن ثم لو سافر إلى الحج لا بنيته ، أو بنية غيره ، ثم بدا له بعد الوصول إلى الميقات الحج أجزأ وكذا لو سافر ذاهلا ، أو مجنونا ثم كمل قبل الإحرام ، أو آجر نفسه في الطريق لغيره (٢) ، أو حج متسكعا بدون الغرامة ، أو في نفقة غيره ، أو غير ذلك من الصوارف عن جعل الطريق مقدمة للواجب ، وكثير من الأخبار ورد مطلقا (٣) في وجوب الحج عنه ، وهو لا يقتضي زيادة على أفعاله المخصوصة.
والأولى حمل هذه الأخبار على ما لو عين قدرا ، ويمكن حمل غير هذا الخبر منها على أمر آخر (٤) ، مع ضعف سندها (٥) ، واشتراك محمد بن عبد الله في سند هذا الخبر بين الثقة ، والضعيف ، والمجهول ومن أعجب العجب هنا أن ابن إدريس ادعى تواتر الأخبار بوجوبه من عين البلد ، ورده المختلف بأنّا لم نقف على خبر واحد فضلا عن التواتر ، وهنا جعله ظاهر الرواية ، والموجود منها أربع فتأمل ، ولو صح هذا الخبر لكان حمله على إطلاقه أولى ، لأن ماله المضاف إليه
______________________________________________________
(١) دليل القول الثاني.
(٢) لغير الحج.
(٣) من غير تقييد بالبلد منها : صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام (إن أمير المؤمنين صلوات الله عليه أمر شيخا كبيرا لم يحج قط ولم يطق الحج لكبره أن يجهز رجلا يحج عنه) (١) ، وخبر معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليهالسلام (عن الرجل يموت ولم يحج حجة الإسلام ويترك مالا ، قال : عليه أن يحج من ماله رجلا صرورة لا مال له) (٢).
(٤) وهو الوصية بالحج من البلد كما هو المتعارف من الوصايا.
(٥) أي سند الروايات الواردة في الكافي ، وإلا فقد عرفت أن خبر علي بن رئاب صحيح السند وقد أورده الشيخ في التهذيب.
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب وجوب الحج حديث ٦.
(٢) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب وجوب الحج حديث ١.