الأولى أن يراد بها الجنس ، لأن ذلك ظاهر أربع روايات في الكافي (١) أظهرها دلالة رواية أحمد بن أبي نصر عن محمد بن عبد الله قال : سألت أبا الحسن الرضا (ع) عن الرجل يموت فيوصي بالحج من أين يحج عنه؟ قال (ع) : على قدر ماله ، إن وسعه ماله فمن منزله ، وإن لم يسعه ماله من منزله فمن الكوفة ، فإن لم يسعه من الكوفة فمن المدينة وإنما جعله ظاهر الرواية لإمكان أن يراد بماله ما عينه أجرة للحج بالوصية ، فإنه يتعين الوفاء به مع خروج ما زاد عن أجرته من الميقات ، من الثلث (٢) إجماعا ، وإنما الخلاف فيما لو أطلق الوصية ، أو علم أن عليه حجة الإسلام ولو يوص بها.
______________________________________________________
ـ (في رجل أوصى بحجة فلم تكفه من الكوفة ، تجزي حجته من دون الوقت) (١) ، وصحيح علي بن رئاب عن أبي عبد الله عليهالسلام (عن رجل أوصى أن يحج عنه حجة الإسلام ولم يبلغ جميع ما ترك إلا خمسين درهما ، قال : يحج عنه من بعض المواقيت التي وقتها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من قرب) (٢) ، وخبر عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله عليهالسلام (سئل عن رجل أوصى بماله في الحج فكان لا يبلغ ما يحج به من بلاده ، قال : فيعطى في الموضع الذي يحج به عنه) (٣) ، ومثله غيره ، وهذه الأخبار صريحة أو ظاهرة في الوصية بالحج بمال معين ، أو من بلد الميت ، وعليه فلم يرد خبر واحد أوجب الحج من بلد الميت من دون وصية منه ، ولذا عند ما ادعى ابن إدريس تواتر الأخبار على وجوب الحج من البلد ردّ عليه المحقق في المعتبر فقال (ودعوى المتأخرين تواتر الأخبار غلط ، فإنا لم نقف في ذلك على خبر شاذ ، فكيف يدعى التواتر) ومثله قال العلامة في المختلف ، نعم استدل لهذا القول الثاني بأن وجوب الحج قد ثبت في ذمة الميت باستطاعته له بزاد وراحلة وغيرهما مما يتوقف عليه ، فيجب القضاء عنه ميتا على الوجه الذي ثبت في ذمته ، وفيه : إن الثابت في ذمته هو وجوب الحج ، والمقدمة وجبت لأنها طريق فلا مدخلية لها في وجوب الحج ولذا لو صح عن طريق محرم لأجزأ.
(١) وهي خبر محمد بن عبد الله ، وخبر زكريا بن آدم ، وخبر أبي سعيد ، وخبر عمر بن يزيد ، وقد تقدم نقلها سابقا ، هذا بحسب الموجود في الكافي (٤) وإلا فقد عرفت أنها أكثر من أربع.
(٢) أي ما زاد عن الحج الميقاتي يخرج من الثلث.
__________________
(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب النيابة في الحج حديث ٦ و ١ و ٢.
(٤) الفروع ج ١ ص ٢٥٠ ـ ٢٥١.