أمر شيخا لم يحج ، ولم يطقه من كبره أن يجهز رجلا فيحج عنه ، وغيره من الأخبار والقول الآخر عدم الوجوب ، لفقد شرطه الذي هو الاستطاعة ، وهو ممنوع (١) ، وموضع الخلاف ما إذا عرض المانع قبل استقرار الوجوب ، وإلا وجبت قولا واحدا ، وهل يشترط في وجوب الاستنابة اليأس من البرء (٢) أم يجب مطلقا وإن لم يكن مع عدم اليأس فوريا ، ظاهر الدروس الثاني ، وفي الأول قوة. فيجب الفورية (٣) كالأصل حيث يجب ، ثم إن استمر العذر أجزأ.
(ولو زال العذر) ، وأمكنه الحج بنفسه (حج ثانيا) (٤) وإن كان قد يئس منه ، لتحقق الاستطاعة حينئذ ، وما وقع نيابة إنما وجب للنص وإلا لم يجب لوقوعه قبل شرط الوجوب ، (ولا يشترط) في الوجوب بالاستطاعة زيادة على ما تقدم (الرجوع إلى كفاية) (٥) من صناعة ، أو حرفة أو بضاعة ، أو ضيعة ، ...
______________________________________________________
ـ ابعثه يحج عنك) (١) ، والإنصاف أن الأخبار ظاهرة في من ثبت في ذمته الحج ثم عرض له مرض أو خالطه سقم كما في صحيح ابن مسلم (٢) ، أو أنه فرّط في الحج وسوف حتى كبر سنة كما في خبر سلمة أبي حفص (٣) ، وعليه فالاستنابة لمن ثبت في ذمته الوجوب ثم عرض له المانع الذي لا يرجى زواله.
(١) أي وفقد الشرط ممنوع لأن الاستطاعة أعم من المباشرة والاستنابة وهو قادر على الثانية.
(٢) بحيث إذا رجا الزوال فلا تجب الاستنابة كما هو مفاد صحيح ابن سنان المتقدم حيث أمره بالحج لكبره الذي لا يرجى زواله ، وهذا ما عليه الأكثر ، وعن الدروس أنه يجب مطلقا لإطلاق الأخبار ، وقد عرفت انصرافها.
(٣) لأن دليل النيابة تقتضي تنزيل عمل النائب منزلة عمل المنوب عنه ، فإذا وجب على الثاني فورا فيجب على الأول كذلك.
(٤) وعن التذكرة : بلا خلاف فيه بين علمائنا امتثالا للأمر بالحج بالمباشرة كما هو مفاد أدلة وجوبه ، وما أتى به إنما كان امتثالا للأمر بالحج بالاستنابة ، وأحدهما لا يغني عن الآخر إذا ارتفع العذر ، وعن صاحب الجواهر وغيره أن ظاهر الأخبار وجوب الحج بالاستنابة بحيث إذا أتى به فقد حصل ما كان واجبا عليه ولا دليل على وجوبه مرة أخرى.
(٥) كما عن الشيخين وابني حمزة وسعيد بل نسب إلى أكثر القدماء لخبر أبي الربيع الشامي (سئل أبو عبد الله عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (وَلِلّٰهِ عَلَى النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطٰاعَ ـ
__________________
(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب وجوب الحج حديث ٨ و ٥ و ٣.