الناس فيها أصنافا من العذاب والسجن حتى ضج الناس ورجال البادية فنزل عبد المطلب يوما الى القرارة وامر باطلاق جميع المسجونين وولى القائمقامية عليا بن سعد السروري فلم يكن أقل منه عنفا في الحكم ثم ولى حامدا المنعمي فازداد السوء واضطربت البادية برجالها وارتبكت شؤون الأمن.
ويذكر ايضا (١) ان عبد المطلب آثر بالمنافع بعض المقربين اليه في حلقات الفاكهة وغيرها ويقول صاحب افادة الأنام أن رجال ادارته كانوا يحسنون له ذلك مقابل الرشاوي التي يستفيدون بها لأنفسهم.
ولقد كان للفاكهة والخضار سوق شائع بين الدلالين يمارسون فيه عملية المزاد بين البائعين والمشترين فاستطاع ، دخيل الله العواجي أن يحتكر حقوق الدلالة على جميع الخضار والفواكه لنفسه في الحلقة بموجب تقرير موقع من عبد المطلب وبذلك منع جميع المحترفين ثم اباح لهم العمل لقاء مبالغ تحصلها لنفسه منهم وفعل مثل ذلك في حلقات الحشيش والفحم والحطب فقد أقر فيها بعض الاشراف بموجب تقارير خاصة تمنع غيرهم من مزاولة الدلالة الا برسوم يدفعونها لقاء ذلك لصاحب التقرير وفعل مثل ذلك في تقرير تخريج الجمال الخاصة بالجاويين في بيوت معينة تتمتع بمصالحها وحدها.
والواقع ان هذا الاحتكار لم ينفرد بتقريره عبد المطلب وحده فقد شاركه فيه كثير من أمراء مكة قبله من عهد أبي نمي الثاني ولا نزال نشاهد آثار ذلك باقيا الى اليوم في كثير من البيوتات القديمة وقد رزح الأهلون تحت وطأته أجيالا طويلة دون أن يغير ذلك من وضعه شيئا لأن العرف غشاه بمسحة يتألق فيها تقديس القديم ، أمامنا بيوتات احتكرت تخريج الجمال لاقطار كاملة واخرى احتكرت التطويف
__________________
(١) خلاصة الكلام ٣٢٨.